كينيا ومخاطر تدخلها في الصومال
كينيا ومخاطر تدخلها في الصومال
Drought and Conflict in Laikipia, Kenya
Drought and Conflict in Laikipia, Kenya
Op-Ed / Africa 2 minutes

كينيا ومخاطر تدخلها في الصومال

يمثل التدخل الكيني في الصومال مقامرة أمنية تنطوي على مخاطر سياسية وعسكرية جمّة لم يسبق لها مثيل في تاريخ كينيا، ولا سيما أنها لا تملك أي خبرة في مجال التدخل الخارجي 

الآمال المعلقة على هذه العملية في وضع حد لحال عدم الاستقرار المتفاقمة والقضاء على تهديدات حركة «الشباب» الإرهابية تكاد تكون معدومة. ويفاقم عدم الإعداد السياسي والدبلوماسي والعسكري المسبق للحملة هذه المخاطر، إذ قد تتحول هذه العملية إلى مستنقع يصعب على القوات الكينية الخروج منه، كما قد تحدث هجمات إرهابية مضادة من قبل حركة «الشباب» تأثيرا كارثيا

سرعت سلسلة من عمليات الاختطاف عبر الحدود في إعطاء الضوء الأخضر لعملية لندا نشي (بالعربية احموا البلاد). توقعت كينيا خوض حملة عسكرية قصيرة الأمد، ولكن ما لبثت قواتها أن وجدت نفسها في أرض غريبة تكتنفها الصعوبات. أما حلفاؤها الصوماليون فتشلهم خلافاتهم الداخلية، وبالتالي فلا يمكن التعويل عليهم. تبنت حركة الشباب الاستراتيجية الكلاسيكية التي تفضلها الجماعات الإسلامية المتشددة المتمثلة في استخدام تكتيكات قوامها حرب العصابات بدلا من شن هجمات مباشرة ضد الدبابات والقوافل المسلحة الكينية، وهي تكتيكات لم تعد أو تتجهز لها القوات الكينية

من المفروض أن يخف العبء المالي واللوجستي فور اندماج الجيش الكيني في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال، إلا أن على نيروبي تجنب تمديد «احتلالها» في جنوب الصومال، لئلا تتركب الخطأ الفادح الذي ارتكبته إثيوبيا في 2006 - 2009. فمن شأن ذلك أن يتحول الرأي العام المحلي ضد تدخلها وأن يخلق معارضة يمكن لحركة «الشباب» استغلالها. وعليه يتوجب على الجيش الكيني أن يتحلى بضبط النفس ولا سيما أن شعبية الإسلاميين تزداد بشكل طردي مع ازدياد الأخطاء العسكرية وسقوط الضحايا المدنيين

تجد كينيا نفسها في وضع معقد لا سبيل إلى الخلاص منه، إذ حكم عليها محاربة عدو محنك ومقاوم لأجل غير مسمى. ثمة دلائل تشير إلى نية الميليشيات الإسلامية في زعزعة استقرار المنطقة من خلال خوض حرب عصابات منخفضة الحدة وشن هجمات إرهابية على الأراضي الصومالية وما وراء حدودها لتشتيت القوات الكينية

وخير مثال على ذلك سلسلة الهجمات بالقنابل التي شنتها ضد أهداف حكومية في غاريسا في شمال شرقي كينيا

وعلى الرغم من كل تلك الأخطار الجمة، فإن كينيا غير مستعدة لسحب قواتها، فقد استثمرت الكثير في هذه الحملة، مما وضع كبرياء البلد نفسه على المحك

التدخل العسكري الذي أطلقت عنانه الرغبة في تحرير شمال شرقي كينيا من التهديدات العابرة للحدود وكبح التدفق الهائل للاجئين الصوماليين، يهدف بشكل أساسي إلى إنهاء نفوذ حركة «الشباب». إلا أن من شأن التدخل الكيني أن يفتح الجروح القديمة، ويغذي الاقتتال بين القبائل، ويجر صوماليي كينيا إلى التطرف وينسف التطورات الاقتصادية والسياسية التي شهدتها الأخيرة في السنوات الأخيرة. ناهيك من أن الجزء الشمالي الشرقي من كينيا الذي وقع فريسة من قبل المتطرفين الإسلاميين يعد بؤرة لصراعات الهويّة في منطقة يفتك بها الجفاف والجوع

يعقد التاريخ الطويل من انعدام الثقة بين شعوب كينيا والصومال من مهمة الجيش الكيني الحساسة؛ ففي حين يخشى الكينيون من انتهاك صومالي لسيادة أراضيهم، يخشى الصوماليون من أن تمد كينيا سيطرتها على الأراضي التي كانت جزءا منها إبان الاستعمار البريطاني. تغذي النظرة إلى التدخل العسكري على أنه استعماري التطرف في أوساط الصوماليين وهي هدية تحلم بها حركة «الشباب»، إذ تريد استغلال المظالم ضد نيروبي لحشد تأييد الصوماليين لقضيتها، المسعى الذي لم يكتب له النجاح حتى الآن

إن أرادت كينيا لحملتها أن تتوج بالنجاح، فعليها تبني استراتيجية سياسية متماسكة وحشد الدعم من العشائر الصومالية المحلية، مما يستتبع وضع أهداف وخطة واضحة للانسحاب. يتطلب ترويج المصالحة والحكم المحلي في المناطق التي يوجد فيها الجيش الكيني تعاونا مع الجهات المحلية والدولية. كما يتوجب منح مدينة كيسمايو المدمرة، التي يمثل ميناؤها ومطارها شريان الحياة المالي لحركة «الشباب»، يتوجب منحها ما تستحقه من اهتمام. كما يتعين إدارة مواردها بإنصاف لضمان تعاون السكان المحليين مع الجيش الكيني

ثمة حاجة ماسة إلى وضع خطة واضحة المعالم وطويلة الأجل لإنهاء الصراعات التي تفتك بالمنطقة المنكوبة واستعادة توازنها واستقرارها على نحو مستدام. فالمخاطر التي تواجهها كينيا وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تستوجب كل هذا العناء

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.