خلاف الصين واليابان ينذر بخطر يفوق كل التوقعات
خلاف الصين واليابان ينذر بخطر يفوق كل التوقعات
Op-Ed / Asia 3 minutes

خلاف الصين واليابان ينذر بخطر يفوق كل التوقعات

حولت موجة الاحتجاجات المناهضة لليابان التي اجتاحت عشرات المدن الصينية خلال الأيام الأخيرة، على خلفية شراء طوكيو ثلاث جزر متنازع عليها، الأنظار عن تطور أكثر خطورة من شأنه أن يزج بالبلدان في دائرة نزاع أكبر، وهو تبني الصين إطارا قانونيا يخولها طرد السفن الأجنبية من المياه المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي.

شهدت جولة التوتر الأخيرة بين ثاني وثالث أكبر اقتصادات في العالم تصعيدا جديدا عندما أعلنت اليابان أنها على وشك الانتهاء من شراء ثلاث جزر من إجمالي خمس جزر غير مأهولة في بحر الصين الشرقي، والتي تعرف باسم سينكاكو في اليابان وباسم دياويو في الصين. وبينما كانت غاية اليابان من هذا التحرك منع حاكم طوكيو القومي المتشدد من شراء هذه الجزر بنفسه، فإنه من الواضح أن بكين لم تفهم هذا الفارق، ولم تكن خطوة اليابان لتأتي في وقت أكثر حساسية.

ردت الصين بسرعة على ما اعتبرته تأكيد اليابان على استعادة سيادته على الجزر عبر اتخاذه جملة من الإجراءات وصفتها وسائل الإعلام الحكومية بـ«الضربات بالجملة». فقد استنكر أعضاء المكتب السياسي بشدة تصرف اليابان، وتعهد رئيس الوزراء وين جياباو أن الصين «لن تتخلى أبدا عن سنتيمتر واحد»، كما هددت بكين بالانتقام اقتصاديا، وأعلنت عن تدريبات قتالية مشتركة للبحرية الصينية والقوى الجوية وقوات القذائف الاستراتيجية، بالإضافة إلى تدريبات إنزال في البحر الأصفر وصحراء غوبي.

لكن الأعمال بخواتيمها، وقد تفضي الخطوات الأقل غوغائية إلى نهاية لا تحمد عقباها. ففي العاشر من سبتمبر (أيلول) أعلنت وزارة الخارجية الصينية عن خطوط أساس لترسيم حدود المياه الإقليمية التابعة لها بشكل رسمي. وترى الصين أنها بهذه الطريقة القانونية تستطيع أن تضع الجزر المتنازع عليها تحت حكمها، متحدية بذلك مباشرة سيطرة اليابان على الجزر خلال العقود الأربعة الماضية.

تمثل هذه الحركة انحرافا عن سياسة الصين السابقة التي كانت مبنية على استغلال مشترك للموارد من خلال المفاوضات مع اليابان، كما تختلف أيضا عن الأسلوب الذي اتبعته إزاء بحر الصين الجنوبي، حيث كانت تتعمد لف مطالبها بالغموض.

إن هذا التحرك غير المسبوق الذي قامت به الصين لإضفاء صفة رسمية على مطلبها في الأراضي المتنازع عليها يجبرها قانونيا، وفي عيون مواطنيها، على فرض سيادتها على المياه المحيطة بدياويو. وما لبثت أن أعلنت الصين عن خطوط الأساس الجديد، حتى أرسلت على الفور ست سفن استطلاع تابعة للبحرية الصينية إلى المياه المتنازع عليها. ورغبة منها في التفوق على منافستها الأولى، أعلنت إدارة مصايد الأسماك وهي ثاني أكبر مؤسسة في الصين لفرض القانون البحري عن خطط لإرسال دوريات إلى المياه التنازع عليها، وحماية 1000 قارب للصيد تابع للصين كان قد توجه لتلك المنطقة.

فصل رد بكين ليناسب جمهورها المحلي والدولي على حد سواء. حيث يشك الكثير من المحللين الصينيين بأن اليابان تسعى عمدا إلى إعاقة نقل القيادة الوشيك، وزعزعة الحكومة في وقت ضعفها. فقد تأخر تسليم المسؤوليات إثر الفضائح التي أطاحت بمنافسين سابقين للرئاسة، والاختفاء المفاجئ للرئيس المنتظر شي جينبينغ لأسابيع طويلة. ومع تزايد السخط المحلي لاتساع فجوة الثروة، وانتشار الفساد، وزيادة التضخم، وزيادة أسعار السكن، بالإضافة إلى انتشار شائعات قوية عن وجود خلافات في القيادة، لا يمكن لبكين أن تظهر بمظهر الخائن للمصالح الصينية الوطنية، لا سيما في مواجهة ألد أعدائها.

لكنّ الجيَشان الوطني الحالي قد حد من خيارات الصين المستقبلية للتخفيف من حدة المسألة. وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها الحكومة للرقابة والسيطرة، منح الإنترنت الصينيين ولوجا غير مسبوق للمعلومات، وأدوات تخولهم نشر تعليقاتهم على الفور، لتحد بذلك من سيطرة بكين على المشاعر القومية المتقلبة. فقد بات بإمكان مستخدمي الإنترنت تعقب سفن إنفاذ القانون الصينية عبر صور الأقمار الصناعية، وبات بإمكانهم السخرية من الحكومة وانتقادها عند عدم دخول سفنها في المياه المتنازع عليها.

وباتت المؤسستان لفرض القانون البحري، اللتان لطالما تنافستا في بحر الصين الجنوبي على مخصصات الميزانية والنفوذ، باتتا تتمتعان بالمزيد من النفوذ والصلاحيات لفرض سيادة الصين على بحر الصين الشرقي.

وكلما ازداد عدد الدوريات الصينية في المنطقة، مع وجود دوريات دائمة لخفر السواحل الياباني، ازداد خطر نشوب مواجهات بحرية. وعلى الرغم من نجاح البلدين في التعامل مع الاضطرابات السابقة، نذكر منها حادثة اعتقال ربان صيني من قبل خفر السواحل الياباني في عام 2010، إثر ارتطام مركبه بسفينة يابانية، إذ نجحتا آنذاك في التخفيف من حدة التوتر، إلا أن المشكلة الحالية من نوع آخر. فقد تم تبرير تلك الحادثة على أنها نتيجة لحماس مفرط لصياد سمك صيني. أما الآن وبناء على الوضع الراهن، فإن أي اشتباك قد ينشأ بين سفن فرض القانون البحري الرسمية ستكون عواقبه وخيمة.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.