Palestinian and Israeli activists gather in front of Israeli settlers house during a demonstration against the expulsion of Palestinian families from their homes, in the Palestinian neighbourhood of Sheikh Jarrah on April 16, 2021. AFP / Emmanuel Dunand
Briefing / Middle East & North Africa 20+ minutes

استراتيجية الحكومة الإسرائيلية القديمة-الجديدة حيال فلسطين

لم يتغير الكثير في حسابات اللاعبين الرئيسيين في الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، رغم الارتفاع الكبير في حدة العنف قبل عام تقريباً. لمنع تكرار ذلك، ينبغي على القوى الخارجية الدفع لاتخاذ خطوات مؤقتة ومراجعة الافتراضات الجوهرية التي ترتكز عليها دبلوماسيتها.

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

هذه المطبوعة جزء من مبادرة مشتركة بين مجموعة الأزمات الدولية ومشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط للمساعدة على تسوية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

ما الجديد؟ ليس هناك الكثير مما هو جديد، وتلك هي المشكلة. الأمور على حالها بالنسبة لإسرائيل والعالم الخارجي فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في أعقاب تفجّر العنف في نيسان/أبريل – أيار/مايو 2021. ووصلت الحكومة الائتلافية الإسرائيلية إلى الحكم محملة برسائل للتغيير الإيجابي لكنها قامت بدلاً من ذلك بتصعيد إجراءاتها القمعية.

ما أهمية ذلك؟ أظهرت أحداث ربيع عام 2021 أن الوضع الراهن يضمن حدوث جولات تصعيد في المستقبل. إن عدم معالجة الأسباب الجذرية للصراع، أو على الأقل تخفيض حرارته من خلال خطوات وسيطة سيتسبب في المزيد من العنف. لقد سمحت حالة تقترب من الصمت التام دولياً لإسرائيل باتخاذ المزيد من الإجراءات لسحق المقاومة الفلسطينية للاحتلال.

ما الذي ينبغي فعله؟ ينبغي على أصحاب المصلحة والمعنيين الدوليين الدفع نحو اتخاذ خطوات طال أمد انتظارها لتقليص مخاطر حدوث انفجار آخر للعنف – أي هدنة طويلة الأمد في غزة؛ ووقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية وعمليات طرد الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية؛ واحترام الترتيبات التقليدية في الأماكن المقدسة في القدس؛ وتجديد القيادة السياسية الفلسطينية – وإعادة النظر بمقاربات التوصل إلى السلام.

لمحة عامة

بعد عام تقريباً من اضطرابات نيسان/أبريل – أيار/مايو 2021، لم تُجرِ إسرائيل ولا أي قوة خارجية مراجعة لمقاربتها للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وفي الواقع، فإن التطورات تشير إلى أن حسابات الجميع ما تزال على حالها. فقد ألمحت الحكومة الإسرائيلية إلى "تقليص حدة الصراع" – والتفكير بخطوات تُحسّن بشكل ضئيل الوضع الاقتصادي البائس للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بدلاً من السعي نحو حل سياسي – وسعت من خلال وزير خارجيتها ذي التوجهات الغربية إلى طمأنة الجهات الفاعلة الخارجية. إلا أن مقاربة إسرائيل، ولو بدت جديدة، ما هي في الواقع سوى إعادة توضيب وضع راهن يتضح على نحو متزايد أنه لم يعد قابلاً للاستمرار، كما أظهرت أحداث ربيع عام 2021. إن المزيد من توسع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وتصنيف ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية محترمة على أنها إرهابية يؤكد على مدى اليأس الذي أصيبت به آفاق تحقيق السلام. لذلك، ينبغي على الجهات الفاعلة الخارجية أن تدفع نحو اتخاذ خطوات علاجية مؤقتة لتقليص مخاطر حدوث انفجار آخر للعنف. وينبغي أن تبدأ أيضاً بإعادة التفكير بمجمل صرح عملية السلام التي باتت شبه ميتة.

بدا أن الحكومة الائتلافية برئاسة نفتالي بينيت التي وصلت إلى السلطة في حزيران/يونيو 2021 بعد انتخابات أجريت قبل ثلاثة أشهر وضعت الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني على نار هادئة. وفعلت ذلك رغم الأحداث التي طرأت، بما في ذلك الاحتجاجات الفلسطينية في سائر أنحاء الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية وإسرائيل نفسها والقصف الجوي الذي دام أحد عشر يوماً لقطاع غزة – رداً على الرشقات الصاروخية التي أطلقتها حماس على إسرائيل – والذي أدى إلى زيادة تردي أجزاء واسعة من الشريط الساحلي. تبنت الحكومة لهجة جديدة ورواية جديدة أيضاً. فقد سعى وزير الخارجية يائير لابيد، وهو وسطي، إلى تهدئة الحكومات الغربية التي كان قد نفّرها الخط المتشدد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضد الفلسطينيين والفظاظة التي كان يخاطب بها حلفاء إسرائيل. ويبدو أن اللهجة الأكثر دبلوماسية للابيد ومقاربة بينيت الأقل صدامية حيال الفلسطينيين قد نجحت في استعادة ود بعض القادة الغربيين المستائين، الذين ليس لديهم رغبة في كل الأحوال بمواجهة إسرائيل بشأن سياساتها حيال الفلسطينيين، نظراً لانشغالهم بأزمات في أماكن أخرى.

إلا أن هذه المقاربة الأكثر نعومة لا ترقى إلى الكثير. فهي تنطوي جوهرياً على شيء من التعاون الاقتصادي الذي بالكاد يؤثر على الديناميكيات الكلية للاحتلال، أو التمييز المؤسساتي الممنهج أو إنكار الحقوق الأساسية، إضافة إلى زيادة الدعم الدبلوماسي، والمالي والأمني للسلطة الفلسطينية، التي تتعاون معها إسرائيل وتعتمد عليها في قمع مقاومة الاحتلال. لقد فقدت السلطة الفلسطينية نفسها الشرعية الشعبية بسبب الفساد، وعدم الكفاءة وقمع المعارضة، إضافة إلى استعدادها للعمل مع السلطات الإسرائيلية دون مقابل يكون على شكل أفق سياسي للحقوق والحريات الفلسطينية. لقد أحجمت عن تنظيم انتخابات من شأنها إنعاش الحياة السياسية الفلسطينية وتحسين الحوكمة. استراتيجية حكومة بينيت – لابيد القديمة – الجديدة، التي أخفقت في تفاعلاتها السابقة بشكل متكرر في الإسهام بتحقيق التقدم نحو السلام، هي نتاج ابتعاد النظام الإسرائيلي عن أي شكل من أشكال عملية السلام. ودون تصميم واضح من جانب القيادة الإسرائيلية على عكس الاتجاهات الحالية، فإن ضم إسرائيل بحكم الأمر الواقع للضفة الغربية سيستمر.

في هذه الأثناء، تقف الأطراف الفاعلة الخارجية صامتة تقريباً، باستثناء حالات معزولة معينة تتعلق ببعض وليس بمعظم المستوطنات الجديدة وعمليات الطرد من المنازل. ويعود هذا في جزء منه إلى عدم الرغبة في إرباك الحكومة الائتلافية الهشة. كان من المرجح أن تكون الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس جو بايدن أكثر صراحة في انتقادها لتصنيف إسرائيل لست منظمات مجتمع مدني فلسطينية على أنها إرهابية، على سبيل المثال، أو لبعض أوجه مشروع بناء المستوطنات لو كانت الحكومة المسؤولة برئاسة نتنياهو. لكن بصرف النظر عمن هو في السلطة في إسرائيل، ليس للولايات المتحدة مصلحة كبيرة بمواجهة إسرائيل، خصوصاً خلال انخراطها في مفاوضات حساسة مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي – وهو هدف تعارضه القيادة الإسرائيلية. بالنسبة للدول الأوروبية، يبدو أنها غسلت يديها من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، وهي منقسمة داخلياً، ولا تتعرض لضغوط داخلية تذكر للقيام بأي فعل، والآن، بالطبع، وهي منشغلة بالغزو الروسي لأوكرانيا.

والنتيجة هي أنه بدلاً من اتخاذ خطوات لتقليص الصراع والدفع نحو محادثات سلام جدية، فإن الجهات الفاعلة الدولية تُمكِّن القمع الإسرائيلي، من خلال الصمت شبه التام، وتسمح لإسرائيل بالتصرف دون الخشية من أي عقاب. وفي غياب فعل أكثر حسماً وإعادة تفكير شاملة بالمقاربة الدولية للصراع، يمكن لهذا المسار أن يفضي إلى المزيد من الابتعاد عن حل الدولتين الذي تدعي دعمه، وإلى تآكل حقوق الفلسطينيين وتشجيع تجدد العنف.

القتال الذي اندلع في ربيع عام 2021 وما تبعه من استمرار سياسات حقبة نتنياهو حيال الفلسطينيين يشكل دليلاً آخر على أن التجليات الراهنة للصراع لا يمكن أن تستمر. إن إعادة التفكير بالمقاربة الكلية للسلام مسألة كان ينبغي أن تجرى منذ أمد بعيد. لكن إلى أن يحدث ذلك، ينبغي على القوى الأجنبية أن تدفع على الأقل لاتخاذ خطوات لتقليص حدة التوترات وتخفيف مخاطر حدوث تصعيد آخر. وينبغي أن تحث إسرائيل على السعي للتوصل إلى هدنة طويلة الأمد مع حماس في قطاع غزة، الأمر الذي من شأنه أن يسمح بالبدء بإعادة البناء في القطاع وأن يحمي المدنيين على الجانبين؛ وتجميد التوسع الاستيطاني، وهدم المنازل، وعمليات الطرد والاستملاك في الضفة الغربية؛ وإلغاء الحظر المفروض على ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية؛ وإلغاء الأوامر بإخلاء سكان فلسطينيين في حي الشيخ جراح وأجزاء أخرى من القدس الشرقية المحتلة؛ والعودة إلى الإطار المعروف ’بالوضع الراهن‘، الذي كان قد حافظ على السلام في الحرم الشريف (التجمع الموجود في القدس والذي يتكون من الحرم الشريف وجبل الهيكل)؛ ومعالجة التمييز المؤسساتي المنهجي ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل نفسها.

كان ينبغي أن تُتَّخذ معظم هذه الخطوات قبل عقد أو ثلاثة عقود مضت – وقد حثت مجموعة الأزمات على اتخاذ عدد منها منذ وقت طويل – لكن ما يبدو من تكرار حدوثها بشكل دائم لا يجعلها أقل ضرورة اليوم إذا كان هناك رغبة بتجنب المزيد من إراقة الدماء. وبعبارة أخرى، ينبغي على الأطراف الفاعلة الخارجية فعل المزيد لإخضاع إسرائيل للمساءلة عن سياسات التمييز المنهجي، والعنف، وانتزاع الممتلكات المادية والمعنوية والقبول بحكم الأمر الواقع. مهما كان موعد اتخاذ هذه الخطوات قريباً، فإنه ليس قريباً بما يكفي، لأنه يبدو أن التوترات في حالة تصاعد مرة أخرى قبل الأعياد الدينية للمسلمين واليهود في نيسان/أبريل، وسيحتفل الإسرائيليون والفلسطينيون قريباً بذكرى اضطرابات العام الماضي.

في الوقت نفسه، ينبغي أن تضغط من أجل إحداث تجدد سياسي فلسطيني من خلال إجراء انتخابات وطنية، الأمر الذي من شأنه أن يسمح بعودة المؤسسات التمثيلية وتحسين آفاق المصالحة الوطنية بين فتح (وبالتالي السلطة الفلسطينية) وحماس. وعليها أن تطالب بأن توقف السلطة الفلسطينية عمليات تخويف وقمع المعارضة السلمية. وينبغي ألا تقوم حماس بإطلاق الصواريخ بشكل غير تمييزي على إسرائيل، رغم أنه ليس من المرجح كثيراً أن تُحجم الحركة عن فعل ذلك في غياب هدنة طويلة الأمد. وينبغي على الجهات الفاعلة الخارجية أن تستمر في تحميل حماس المسؤولية عن مثل هذه الهجمات.

القدس/رام الله/بروكسل، 28 آذار/مارس 2022

الآراء المعبَّر عنها في هذا التقرير لا تعكس بالضرورة وجهات نظر أعضاء المجلس الدولي وكبار المستشارين في مشروع الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.