طبول الحرب: إسرائيل و"محور المقاومة"
طبول الحرب: إسرائيل و"محور المقاومة"
Table of Contents
  1. الملخص التنفيذي
The Middle East Could Still Explode
The Middle East Could Still Explode
Report / Middle East & North Africa 5 minutes

طبول الحرب: إسرائيل و"محور المقاومة"

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

الملخص التنفيذي

من بين جميع التفسيرات المقدمة لسيطرة الهدوء على الساحة الإسرائيلية اللبنانية منذ نهاية حرب عام 2006، فإن التفسير الرئيسي الذي ينبغي أن يكون مبعثاً لأكبر المخاوف، والمتمثل في خشية الأطراف من أن المواجهة القادمة ستكون أكثر تدميراً وأوسع نطاقاً من المواجهة السابقة. إن أياً من اللاعبين ذوي الصلة المباشرة بهذا الأمر - أي إسرائيل، وحزب الله، وسورية وإيران - لا يحبذ احتمال المواجهة، وبالتالي فإنهم جميعاً، في الوقت الحاضر، عازمون على البقاء على أهبة الاستعداد. غير أن الجذور السياسية للأزمة تظل دون معالجة، وتبقى الديناميات المحركة لها عرضة للانفجار ولا يمكن استبعاد حدوث خطأ في الحسابات. إن المقاربة الأكثر فعالية هي تلك التي تسعى لاستئناف مفاوضات سلام ذات معنى بين إسرائيل وسورية من جهة وإسرائيل ولبنان من جهة أخرى والتوصل إلى اتفاق في نهاية هذه المفاوضات. ليس هناك حل آخر لمعضلة حزب الله؛ وفي الوقت الراهن، هناك عدد محدود من الوسائل الأخرى التي من شأنها التأثير في حسابات طهران. ما لم يتم التقدم بمثل هذه المبادرة، فإن ثمة حاجة لانخراط أعمق من قبل المجتمع الدولي لتعزيز الاتصالات بين الأطراف، وتخفيف حدة التوتر وتجنب القيام بخطوات خاطئة مكلفة.

بعد أربع سنوات على الحرب الأخيرة، تظل الأوضاع في المشرق تنطوي على تناقضات كبيرة؛ فهي هادئة بشكل استثنائي وخطرة بدرجة كبيرة في آن واحد وذلك للسبب نفسه. إن التعزيزات العسكرية، والتهديد بحرب شاملة لا تستثني المدنيين ولا البنى التحتية المدنية إضافة إلى الاحتمال المقلق بتوسيع نطاقها إقليمياً هو ما يردع فعلياً جميع الأطراف. اليوم، لا يمكن لأي من هذه الأطراف أن يفكر جدياً باحتمال نشوب صراع غير مخطط له، وغير مسبوق وتصعب السيطرة عليه.

في حال نشوب صراع، فإن إسرائيل سترغب بتوجيه ضربة قوية وسريعة تحاشياً لتكرار سيناريو عام 2006. على الأرجح أنها لن تميز بين حزب الله والحكومة اللبنانية الذي بات الحزب يشكل جزءاً رئيسياً منها؛ كما يحتمل أن تستهدف سورية لأنها الهدف الأضعف وكذلك لأنها المزود الرئيسي لحزب الله بالدعم العسكري واللوجستي. وفي هذه الأثناء، ومع ارتفاع حدة التوترات، فإن ما يسمى محور المقاومة – إيران وسورية وحماس وحزب الله – منشغل في تكثيف الروابط الأمنية في ما بين أطرافه. إن مشاركة أحد هذه الأطراف في حال حدوث هجوم على طرف آخر لا يمكن أن تُستبعد بوصفها محض افتراض.

وثمة عناصر أخرى تسهم في كبح جماح الأطراف؛ فقد أفضى قرار مجلس الأمن رقم 1701 إلى تكثيف الوجود العسكري اللبناني والدولي في جنوب لبنان، الأمر الذي حدّ من حرية حركة حزب الله وقيّد أية طموحات عسكرية إسرائيلية محتملة في الوقت نفسه. حتى عندما يقوم الطرفان وبشكل روتيني بانتقاد وانتهاك القرار – الذي طالب بوضع حد لنقل الأسلحة إلى القوى اللبنانية غير الحكومية، ونزع سلاح المجموعات اللبنانية المسلحة والاحترام الكامل لسيادة البلاد – فإنهما يستمران في تقدير الإطار الذي وضعه القرار بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الحفاظ على الوضع الراهن.

وتمثل المكانة المعززة لحزب الله على الساحة اللبنانية عامل كبح إضافي، حيث تمنعها من الإقدام على أية مبادرات من شأنها تعريض هذه المكاسب للخطر. أما الحكومة الإسرائيلية الحالية – ورغم سمعتها – فإنها تبدو أقل رغبة هذه المرة باتخاذ المخاطرة التي أقدمت عليها سابقتها الأكثر وسطية مرتين في الشروع في أعمال عدائية. فهي تحاول إثبات قدرتها على المحافظة على الاستقرار وتبقى قلقة من نشوء بيئة دولية أكثر عدائية تجاهها. ورغم تحذيراتها من تزايد قوة حزب الله، فإنها مارست ضبط النفس. وعلى نحو مماثل، فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما، وبعيداً عن الحلم الذي راود سلفه في الماضي بنشوء شرق أوسط جديد، فإنه لا يرغب في نشوب حرب تهدد جهوده السلمية ومحاولاته لاستعادة مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة. وكل هذا يفسر انحسار العنف في المنطقة الحدودية إلى أقل دراجاته منذ عقود طويلة.

غير أن ذلك هو الجزء الأفضل من الصورة كاملة؛ فتحت السطح تتصاعد التوترات دون توفر صمام أمان واضح. لقد ساعد نظام الردع في المحافظة على السلم، غير أن العملية التي يرسخها – والمتمثلة في تنامي حجم ترسانة حزب الله وتطوّرها، وتنامي التهديدات الإسرائيلية – تدفع جميعها في الاتجاه المعاكس ومن شأنها نفضي إلى الحصيلة التي تمكنت حتى الآن من منع حصول. إذا كانت إسرائيل لا ترغب في نشوب حرب جديدة، فإنها أيضاً غير راضية عما تراه.

من غير الواضح الآن ما الذي يشكل خطاً أحمر يؤدي في حال تجاوزه من قبل الحزب الشيعي إلى قيام إسرائيل بعمل عسكري، لكن عدم الوضوح هذا يمثل بحد ذاته مبعثاً إضافياً للقلق. على عكس عقد التسعينيات من القرن الماضي، عندما كانت مجموعة المراقبة الإسرائيلية – اللبنانية العاملة بمشاركة أميركية، وفرنسية وسورية تضمن شكلاً من أشكال التواصل بين الأطراف وحداً أدنى من الالتزام بقواعد متفق عليها للعبة، وعندما كانت الولايات المتحدة وسورية منخرطتان في حوار مكثف، فإن ثمة غياباً اليوم لأية صيغة فعالة للتواصل وهذا ما يترك مجالاً واسعاً لسوء الفهم والتصورات الخاطئة.

وفي هذه الأثناء، يستعر إوار حرب سرية عناصرها التجسس والاغتيالات وتشكل بديلاً لمواجهة مفتوحة. قد لا يرغب الأطراف في حرب شاملة، لكن وفي ظل هذه الظروف فإن هذا الطرف أو ذاك يمكن أن يتسبب في اندلاع مثل هذه الحرب التي لا يرغب فيها أحد. ما يسهم أيضاً في تعزيز هذا الإحساس بالشلل هو غياب أي تحرك في ما يتصل بأي من ملفات القرار 1701، بداية بما يبدو أسهلها وهو انسحاب إسرائيل من الجزء الشمالي (اللبناني) من قرية الغجر، إلى أكثرها تعقيداً وهو حراسة الحدود اللبنانية السورية، وتسوية وضع مزارع شبعا، ونزع سلاح حزب الله ووقف الطلعات الجوية الإسرائيلية. إن هذا الشلل يغذي الشكوك في إمكانية تحقيق أي شيء، وبمرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى تراجع التزام المساهمين في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل).

إن مفتاح الحل لهذا الوضع هو، ودون إهمال مركزية المسار الفلسطيني الإسرائيلي، استئناف مفاوضات فعلية بين إسرائيل من جهة وسورية ولبنان من جهة أخرى. تمثل هذه المفاوضات الطريقة الواقعية الوحيدة لتحقيق تحوّل في الديناميات الكامنة، والتأثير بوجه خاص في الحسابات السورية. دون ذلك، فإن دمشق ستستمر في نقل السلاح إلى حزب الله، وسيقاوم الحزب الشيعي بنجاح الضغوط المفروضة عليه لنزع سلاحه، وستستمر إسرائيل في انتهاك سيادة لبنان.

غير أن التفاؤل شبه معدوم على جبهة السلام. وهذا يعني أنه لا يمكن تحقيق الكثير، لكن لا يعني أنه لا يمكن القيام بشيء. إن المهام الأكثر إلحاحاً هي استعادة الزخم في ما يتصل بالقرار 1701 وذلك بالتركيز على الأهداف الأكثر واقعية ووضع آليات تشاورية لتخفيف التوتر، وتوضيح الخطوط الحمر وخفض المخاطر إلى الحد الأدنى في اندلاع مواجهات غير متعمدة. قد تساعد قنوات اتصال أفضل. في الوقت الراهن، تتحدث الولايات المتحدة بشكل رئيسي إلى جانب واحد هو إسرائيل، وتبقي طرفاً آخر هو سورية على مبعدة منها، وتتجاهل طرفاً ثالثاً هو حزب الله وتواجه الطرف الرابع وهو إيران. قد لا يكون لدى الأمم المتحدة مثل هذه المشكلة، لكنها تعاني من مشاكل أخرى؛ فلديها عدد أكبر مما ينبغي من البعثات غير المنسقة ومتقاطعة المهام ومكاتب تتعامل مع لبنان وعملية السلام وبالتالي فهي تفتقر إلى سياسة منسقة. يتمثل أحد الخيارات في تقوية بعثتها في لبنان بحيث تتمكن من لعب دور سياسي أكثر فعالية.

لا ينبغي لأحد أن يتوهم بأن حل مشكلة قرية الغجر، أو تعزيز دور الأمم المتحدة أو حتى إيجاد وسيلة جديدة أكثر إبداعية للتواصل بين إسرائيل وسورية، وبشكل غير مباشر مع حزب الله، سيحقق اختلافاً دائماً أو حاسماً. لا شك أن مثل هذه الأدوات من شأنها أن تساعد؛ غير أن أزمات لبنان مشتقة في جزئها الأكبر من توترات إقليمية أوسع. وإلى أن يتم بذل جهود جدية لتسوية هذه التوترات فإن أزماته ستستمر. في هذه الأثناء، يمكن للعالم أن يأمل أن الخوف من صراع كارثي سيظل رادعاً كافياً كي لا تتسبب الأطراف في نشوب مثل هذا الصراع.

بيروت/القدس/دمشق/واشنطن/بروكسل، 2 آب/أغسطس 2010

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.