Op-Ed / Middle East & North Africa 2 minutes

سورية: من فيينا إلى سوتشي

إذا كانت روسيا ترغب فعلاً بتحقيق أهدافها في سورية، سيتوجب عليها كبح جماح نظام بات يشعر بالمزيد من الجرأة بفضل دعم موسكو ويتصرف وكأنه منيع على ضغوطها، كما يكتب يوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية.

المحادثات التي قادتها الأمم المتحدة بشأن سورية في فيينا الأسبوع الماضي أبرزت حقيقيتين لا مناص من ملاحظتهما: لقد باتت عملية جنيف تلعب دوراً ثانوياً بالمقارنة مع عملية أستانة التي ترعاها روسيا، والتي تعكس بشكل أدق توازن القوى على الأرض في سورية؛ وأن أستانة لا يمكن أن تحل محل جنيف إذا كانت روسيا، التي تقود العملية، تريد للصراع أن ينتهي من خلال المفاوضات وعبر عملية انتقال سياسي.

تحققت الغلبة لعملية أستانة بسبب انهيار محادثات فيينا وقرار الأمم المتحدة بالسماح لمبعوثها إلى سورية ستافان دي مستورا، بحضور مؤتمر السلام في سوتشي هذا الأسبوع. سيصل دي مستورا خاوي الوفاض؛ إذ لم تتمكن الأمم المتحدة من تحقيق تقدم يذكر حيال العناصر الجوهرية لقرار مجلس الأمن رقم 2254 المتمثلة في تأسيس هيئة حكم انتقالية، وصياغة دستور وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة اللاجئين فيها. وقد تمثلت العقبة الرئيسية في مقاومة النظام لأي نوع من التنازلات التي من شأنها أن تهدد سلطة الرئيس بشار الأسد.

إلا أن عناد النظام هذا هو الذي سيقيّد موسكو في مسعاها للتوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب. كي تتمكن روسيا من إعلان النصر والانسحاب من سورية دون المخاطرة بأن تنجر من جديد إلى الصراع بسبب استمرار حالة الفوضى، فإنها تعرف أنها ستكون بحاجة إلى درجة من الإجماع الدولي على الخطوات السياسية اللاحقة لوقف إطلاق نار شامل في البلاد. هذا وحده سيوفر مساعدات واستثمارات دولية لإعادة الإعمار؛ ودون ذلك، سيتبين أن أي سلام مستقر سيكون مجرد وهم. لذلك فإن أية نتائج يتم تحقيقها في سوتشي ينبغي أن تحظى بمصادقة اللاعبين الخارجيين الرئيسيين الآخرين (وخصوصاً الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، والأردن والسعودية) وما تبقى من المعارضة السورية.

وهذا لن يحدث طالما ظلت عمليتا جنيف وأستانة رهينتين لعدم قدرة، أو عدم رغبة، روسيا بكبح جماح النظام ودفعه إلى طاولة المفاوضات. خلال اجتماعات فيينا، دفعت روسيا باتجاه وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، على الأرجح لتشجيع ممثلي المعارضة على حضور مؤتمر سوتشي، لكن النظام لم يلتزم به، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية. ربما لهذا السبب جزئياً، وربما لأن النظام لم يظهر اهتماماً بالتفاوض على أي شيء جوهري، قررت المعارضة المقاطعة لأنها لم تتوقع تحقيق أي شيء أفضل. (وحقيقة أن روسيا أعطت الضوء الأخضر لهجوم تركيا على عفرين لم يشجع المتمردين الأكراد أيضاً على الانضمام إلى المحادثات).

كما أن روسيا لم تنجح في تقريب نظام الأسد من الإجماع الدولي. في حين ذُكر أن موسكو قدمت تطمينات للأمم المتحدة بأن سوتشي سيكون حدثاً منفرداً ومرتبطاً بعملية جنيف، فإن دمشق لم تؤكد علناً حتى الآن اعترافها بعناصر رئيسية في القرار 2254؛ حيث وافقت فقط على تعديل الدستور الحالي وإجراء انتخابات برلمانية، وليس انتخابات رئاسية.

إذا كانت روسيا تريد فعلاً تحقيق أهدافها في سورية، سيتوجب عليها كبح جماح نظام يشعر بالجرأة بفضل دعم موسكو ويتصرف وكأنه منيع على ضغوطها. عندها فقط ستثبت أنها قادرة ليس فقط على كسب الحرب، بل أيضاً على ضمان نظام مستقر في حقبة ما بعد الحرب؛ وسيسمح لها ذلك بالخروج من الصراع بنجاح.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.