Yasmin al-Qadhi, head of the Marib Girls Foundation, sits at her desk in Marib, Yemen in January 2020. CRISISGROUP/Peter Salisbury
Report / Middle East & North Africa 20+ minutes

مبررات صنع السلام بطريقة أكثر شمولاً وفعالية في اليمن

الجهود الدولية الرامية لإنهاء حرب اليمن عالقة في صيغة الطرفين التي تجاوزتها الأحداث، حيث تسعى للوساطة بين الحوثيين وخصومهم.مع دفع الأمم المتحدة بإتجاه العودة إلى المفاوضات، ينبغي عليها توسيع نطاقها بحيث تشمل المجموعات النسائية وغيرها من منظمات المجتمع المدني. 

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ما الجديد؟ تدخل حرب اليمن عامها السابع. وبدعم من الولايات المتحدة، تدفع الأمم المتحدة إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار والعودة إلى المفاوضات السياسية. وتعمل على جمع اثنين من الخصوم المتحاربين الرئيسيين: الحكومة والمتمردين الحوثيين. وتبقى مكونات مهمة، بما في ذلك النساء والمجتمع المدني، مستبعدة حالياً.

ما أهمية ذلك؟ تلعب النساء ومنظمات المجتمع المدني دوراً محورياً في عمليات الوساطة المحلية وبناء السلام. وسيكون دعمها محورياً في دعم أي وقف لإطلاق النار وفي جهود تحقيق الاستقرار التي تليه. إن تركها خارج المفاوضات يقلص بشدة احتمالات تحقيق السلام على المدى البعيد، حتى لو اتفقت الأطراف المتحاربة على وقف لإطلاق النار.

ما الذي ينبغي فعله؟ سواء توصلت الأطراف المتحاربة أو لم تتوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، فإن جهود صنع السلام التي تبذلها الأمم المتحدة بحاجة لإشراك لاعبين آخرين، بما في ذلك المجموعات النسائية الضالعة بعمق في بناء السلام على المستوى المحلي. يمكن للأمم المتحدة أن تحقق التشميل بفرض حصص على وفود الأطراف المتحاربة، مصحوبة بعملية موازية تربط الجهات الفاعلة في المجتمع المدني بالمفاوضات السياسية.

الملخص التنفيذي

لقد منح انتخاب الرئيس الأميركي جو بايدن الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء حرب اليمن جرعة دعم قوية. فقد جعل بايدن اليمن إحدى دعامات سياسة إدارته في الشرق الأوسط، ورمى بثقل واشنطن خلف جهود الأمم المتحدة المتعثرة للتوسط في وقف لإطلاق النار وإعادة إطلاق المفاوضات السياسية على المستوى الوطني. وتقف الحرب عند مفصل محوري؛ فالمتمردين الحوثيين على أبواب مأرب، آخر معاقل القوات المتحالفة مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي. إن منع حدوث معركة للسيطرة على مدينة مأرب يتطلب بشكل عاجل وقفاً لإطلاق النار على مستوى البلاد. لكن علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان بوسع الدبلوماسية الأميركية التي أعيد تنشيطها إقناع الأطراف بوقف القتال. لكن بصرف النظر عما سيحدث في مأرب، فإن واشنطن والأمم المتحدة بحاجة لإعادة التفكير بالمقاربة الدولية لإنهاء الحرب، وخصوصاً المسألة الإشكالية المتعلقة بمن ينبغي أن يشارك في وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وفي المفاوضات السياسية على المستوى الوطني أيضاً. ومن أجل تحسين آفاق التوصل إلى هدنة وإلى تسوية نهائية، ينبغي على الأمم المتحدة أن تفسح المجال ليس فقط لجملة أوسع من الفصائل المسلحة والسياسية، بل أيضاً لمجموعات النساء والمجتمع المدني التي تركت بصماتها على عمليات بناء السلام المحلية.

بنيت الجهود التي تقودها الأمم المتحدة حول إطار تم تبنيه جزئياً على افتراض أنه سيفضي إلى عودة سريعة إلى عملية سياسية شاملة، لكنه تحول بدلاً من ذلك إلى قيد شامل على عملية التشميل. فمع استمرار الحرب، أصبح واضحاً على نحو متزايد أن التفسيرات السائدة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015 قيَّدت مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، على نحو غير مفيد بمفاوضات تجمع طرفين فقط لإنهاء القتال ووضع أسس نظام سياسي جديد، ومنحت السعودية سلطة فيتو ضمنية لكن قوية على المجريات. إلا أن الاستمرار بحصر المفاوضات بالحكومة اليمنية والحوثيين (المعروفين أيضاً بأنصار الله) يعني عدم فهم الفرضية التي قام على أساسها التدخل الدبلوماسي المبكر للأمم المتحدة في اليمن، وهي إعادة البلاد إلى مفاوضات سياسية شاملة. كما أثبتت أيضاً أنها عقبة في وجه تحقيق السلام.

لا يمتلك الحوثيون وحكومة هادي احتكاراً للسلطة الصلبة في البلاد، ولا للسيطرة على الأرض ولا للشرعية السياسية في أوساط اليمنيين، كما توحي القراءات السائدة للقرار 2216. ما تزال حكومة هادي لا تحظى بالشعبية حتى بعد أن أدخل التعديل الوزاري المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالاستقلال تحت مظلتها في كانون الأول/ديسمبر 2020، في حين أن مكانة الحوثيين في المفاوضات تشكل منتجاً جانبياً لحقيقة أنهم سيطروا على الأرض بالقوة. لا يستطيع الحوثيون ولا حكومة هادي الادعاء بشكل قابل للتصديق بأنهم يمثلون كامل طيف المجموعات والمصالح التي حافظت على استمرار القتال وعلى حياة اليمنيين على حد سواء طوال الصراع، الذي يدخل الآن عامه السابع.

لقد تساءل اليمنيون غير المتحالفين مع الطرفين منذ وقت طويل عن الجهات المستفيدة من وقف إطلاق نار على مستوى البلاد ومن التسوية السياسية بينهما، وعن الغاية التي يحققها وقف إطلاق النار والعملية السياسية. ويتساءلون أيضاً لماذا يدعمون عملية يبدو من غير المرجح أن تعكس وجهات نظرهم في جوهر خلاصتها النهائية. العديد من المجموعات المسلحة التي تعارض الحوثيين تهدد بالاستمرار في القتال إذا فرضت قوى خارجية تسوية عليها تعتقد أنها ستمكن المتمردين. الدبلوماسيون العاملون على الملف اليمني، وشعوراً منهم بالإحباط حيال تعنت الطرفين الرئيسيين وبالقلق حيال مدى استدامة تسوية تتحقق بينهما، بدأوا بطرح أسئلة مماثلة بشأن إطار الأمم المتحدة.

لكن في حين أن إضافة جهات فاعلة سياسية ومسلحة أمر حيوي، فإنها قد لا تكون كافية. ولا شك بأن قبول المجموعات المسلحة سيكون ضرورياً لوقف القتال، لكن بناء السلام أمر مختلف كلياً. فالقوة، والنفوذ والشرعية المحلية في موزعة بشكل واسع في اليمن؛ وسيكون هناك حاجة لإشراك طيف واسع من اللاعبين لوضع حد نهائي للحرب. ولذلك لا ينبغي للتشميل أن يقتصر على أولئك الذين بدأوا الصراع وأذكوا نيرانه وحسب. فقد أصبحت المنظمات المحلية مدافعاً فعالاً ومؤثراً عن السلام والاستقرار طوال فترة الحرب. لقد قدمت المجموعات النسائية على نحو خاص مساهمات مهمة لتوفير الاستقرار الاجتماعي مع تداعي النسيج الاجتماعي للبلاد. فقد كان فهم النساء العميق للديناميكيات المحلية وتجربتهن العملية في الوساطة للتوصل إلى هدنات محلية، وإعادة فتح الطرقات وتحرير السجناء ذات قيمة كبيرة لعمل الأمم المتحدة حتى الآن. وستظل الأمم المتحدة بحاجة للاعتماد على معارف النساء في محاولاتها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق مفاوضات سياسية على مستوى البلاد.

تتقبل الأمم المتحدة الحجج المقدمة دفاعاً عن درجة أوسع من المشاركة، لكنها تواجه معضلة. إذ يعمل غريفيث على دفع الحوثيين (الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وعلى جزء كبير من شمال غرب اليمن) وحكومة هادي التي تتخذ من عدن حالياً مقراً لها نحو وقف لإطلاق النار، وإجراءات بناء ثقة ومفاوضات سياسية. في هذه الأثناء، بدأ فريقه بالتخطيط لعملية تنفيذ وقف إطلاق النار ذاك ويتساءل عن الدور الذي يمكن أن تلعبه فصائل سياسية ومسلحة أخرى وكذلك منظمات المجتمع المدني في المحافظة على وقف إطلاق النار. والجواب مهم لأن المجموعات المحلية والوطنية ستضع شروطاً على دعمها لوقف إطلاق النار، بما في ذلك على الأرجح المشاركة في العملية التي تقودها الأمم المتحدة. إلا أن الطرفين الرئيسيين والسعودية قاوموا حتى الآن أي اقتراح بتوسيع المفاوضات لتشمل طيفاً واسعاً من الفصائل السياسية والمسلحة، ناهيك عن مجموعات النساء ومنظمات المجتمع المدني. فالعدد القليل من النساء اللاتي حضرن المفاوضات التي قادتها الأمم المتحدة منذ بداية الحرب كن ممثلات رمزيات لم يُمنحن دوراً حقيقياً في المفاوضات.

كي تكون المفاوضات ذات مصداقية وكي يكون لها فرصة أكبر في النجاح ينبغي أن تشمل طيفاً أوسع من المشاركين. إذا شارك عدد أكبر من الأطراف اليمنية التي لها قواعد شعبية مهمة، بما في ذلك الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، مباشرة في المفاوضات، فإن ذلك سيشجع الحوثيين والحكومة على حد سواء على التوصل إلى اتفاقات مع الأصدقاء والخصوم المحليين لتحسين قوتهم التفاوضية الإجمالية. بضغط من السعودية، بدأت الحكومة بالتحرك في هذا الاتجاه بضم المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الحكومة في كانون الأول/ديسمبر. لكنها بحاجة إلى المضي أبعد من ذلك. فمن المهم أن تشرك بُناة السلام المحليين النافذين، والنساء على نحو خاص، الذين سيساعدون في توليد مشاركة محلية ضرورية بشكل ملحّ في العملية الجارية على المستوى الوطني.

حتى الآن، لم تجد الولايات المتحدة أن من المناسب الضغط على الرياض أو على حكومة هادي بشأن هذه القضية. لكنها قد تغير توجهها. إذ يمكن لتصعيد واشنطن لنشاطها الدبلوماسي في ظل إدارة بايدن أن يفضي إلى تحول في المقاربة الدولية لإنهاء الحرب، خصوصاً إذا لم يكن بالإمكان إعادة إحياء مبادرة وقف إطلاق النار التي طرحتها الأمم المتحدة، وحتى لو كان بالإمكان فعل ذلك. فبصرف النظر عما سيحدث في مأرب في الأيام والأسابيع القادمة – وقف لإطلاق النار، مأزق طويل أو هزيمة الحوثيين للقوات المتحالفة مع الحكومة – فإن الحرب، أو على نحو أكثر دقة سلسلة الصراعات التي تتكون منها، ستستمر في المستقبل المنظور. حتى لو تمكن الوسطاء من التوسط للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار لتفادي معركة للسيطرة على مأرب، فإن الحاجة ستستمر لمقاربة أكثر شمولاً لإنهاء الحرب وبناء السلام. ولدى الأمم المتحدة أصلاً خطط لإعادة فتح النقاش حول مثل هذه المقاربة، على الأرجح في ورشة عمل دولية تعقد مع الولايات المتحدة. إذا جرى هذا النقاش، وعندما يجري، ينبغي على المشاركين توسيع العملية بشكل كبير، بإضافة أكثر من بضعة فصائل سياسية ومسلحة معروفة.

ولهذا السبب، ينبغي على مبعوث الأمم المتحدة أن يطلب من مجلس الأمن أن يدعم صراحة الدعوة لتحديد حصة لمشاركة النساء ولإشراك عدد أكبر من المجموعات في المحادثات المباشرة من خلال تفسير أوسع للقرار 2216، بصرف النظر عن حصيلة الأحداث في مأرب. وتتمثل إحدى طرق القيام بذلك، سواء صمد وقف إطلاق النار أم لا، في تأسيس عملية موازية توفر صلة مباشرة بين المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني من جهة والمداولات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، من جهة أخرى. في الحد الأدنى، ينبغي على الأمم المتحدة أن تصرّح بكيفية وتوقيت جعل العملية أكثر شمولاً. كما ينبغي على الأمم المتحدة أن تشرح أيضاً ماهية الآليات التي ستضعها لحماية حقوق النساء والمجموعات الأخرى المهمشة سياسياً سواء الآن أو في يمن ما بعد الصراع. كما ينبغي على المنظمات النسائية ومنظمات المجتمع المدني، إضافة إلى الأحزاب السياسية والمجموعات الفرعية مثل القبائل والسلطات المحلية، والتي تشعر بأنها استبعدت عن الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لبناء السلام، أن تغتنم الفرصة للضغط كي يتم إشراكها بشكل ذي معنى. دون فعل ذلك، فإن آفاق النجاح النهائي لأي اتفاق ستتقلص بشكل كبير.

صنعاء/عدن/عمان/القاهرة/بروكسل 18 آذار/مارس 2021

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.