وقف لإطلاق النار بسبب فيروس كورونا يشكل مخرجاً لليمن الذي مزقته الحرب
وقف لإطلاق النار بسبب فيروس كورونا يشكل مخرجاً لليمن الذي مزقته الحرب
A local administration worker that is part of a combined taskforce tackling COVID-19 coronavirus fumigates a neighbourhood as part of safety precautions, in Yemen's Huthi rebel-held capital Sanaa on March 23, 2020. Mohammed HUWAIS / AFP
Statement / Middle East & North Africa 4 minutes

وقف لإطلاق النار بسبب فيروس كورونا يشكل مخرجاً لليمن الذي مزقته الحرب

لقد دعت الأمم المتحدة إلى تجميد للقتال في اليمن من أجل الاستعداد لاحتمال تفشي فيروس كوفيد-19 والمحافظة على فرصة لإنهاء الحرب. وقد وافق الحوثيون، والحكومة اليمنية، والأطراف المسلحة الأخرى والسعودية جميعهم على ذلك. ولذلك، ينبغي عليهم جميعاً تنفيذ هذا المقترح فوراً.

عندما تدخلت السعودية في الحرب الأهلية اليمنية في آذار/مارس 2015، كان البلد أصلاً الأفقر في العالم العربي. بعد خمس سنوات، أصبح واحداً من أكثر الأماكن فقراً على هذا الكوكب. إذ إن هناك 24 مليون نسمة من أصل 28 مليون هم سكان البلاد بحاجة لشكل من أشكال المساعدات. وطبقاً لبعض التقديرات، فإن أكثر من 112,000 شخص توفوا كنتيجة مباشرة للحرب. كما أن هناك أعداداً لا حصر لها ممن وقعوا فريسة لأمراض يمكن الوقاية منها أو ببساطة للجوع، جزئياً نتيجة الحرب الاقتصادية التي يشنها جميع أطراف الصراع وتدميرهم المتعمد للبنية التحتية الحيوية، بما فيها المستشفيات.

[... the outbreak] is likely to wreak havoc on a people already weakened by hunger and dependent on a healthcare system on the verge of collapse.

الآن، تهدد جائحة كوفيد–19 بإهلاك المزيد من سكان يتسم وضعهم بالهشاشة. لم يتأكد حتى الآن وجود أي حالات إصابة بالفيروس، لكن عندما يتفشى، من المرجح أن يلحق ضرراً بالغاً بشعب أضعفه الجوع أصلاً ويعتمد على نظام رعاية صحية على شفا الانهيار. فأقل من 50% من المستشفيات والعيادات في اليمن تعمل بشكل ولو قريب من كامل طاقتها، ومعظمها يفتقر إلى الطواقم الطبية المؤهلة، والأدوية، وفي كثير من الأحيان إلى الكهرباء. من أجل تفادي وقوع كارثة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 25 آذار/مارس لوقف لإطلاق النار في اليمن للسماح لوساطة تقودها الأمم المتحدة بإنهاء الحرب والمساعدة في تفادي انتشار فيروس كوفيد–19. ينبغي على أطراف الصراع اغتنام هذه الفرصة، ودون شروط.

ومن أجل إنجاح مبادرتها، ستكون الأمم المتحدة بحاجة لمساعدة اللاعبين الخارجيين، وخصوصاً السعودية والولايات المتحدة. في الأشهر الأخيرة، تولى السعوديون زمام القيادة في محاولة إنهاء حرب هم جزء منها، لكن ينبغي أن يكون قد بات واضحاً الآن أنهم لا يستطيعون القيام بذلك بمفردهم. طوال الصراع، تعامل أطرافه، بمن فيهم السعوديون، مع التسوية على أنها مرادف للهزيمة. إذا أرادت الولايات المتحدة إنهاء الحرب وإخراج حلفائها السعوديين منها، يمكن لوقف لإطلاق النار بسبب فيروس كوفيد–19 أن يوفر لها فرصة مثالية.

على الجانب اليمني من المعادلة، سيترتب على الحوثيين، والحكومة والمجموعات المسلحة العديدة الأخرى وضع خلافاتها جانباً ووقف القتال وتنسيق الجهود لتخفيف حدة الانتشار المهلك لفيروس كوفيد–19 إذا أرادوا إثبات أنهم يقاتلون نيابة عن اليمنيين العاديين. السؤال هو ما إذا كانوا يعتقدون أن وقفاً إنسانياً للأعمال القتالية يشكل مصيراً أسوأ من الحصيلة المروعة التي من شبه المؤكد أن يلحقها الفيروس.

مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، يأمل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد في اجتماع مع الحوثيين والحكومة في الأيام المقبلة سيحضره أيضاً ممثلون عن التحالف الذي تقوده السعودية. وسيحاول أيضاً ضمان تعاون الأطراف في خطة وطنية للتحضير لتفشي فيروس كوفيد–19 وإطلاق سلسلة من إجراءات بناء الثقة. إذا نجحت عملية إدارة وقف إطلاق وتم بناء الثقة، سيرغب مسؤولو الأمم المتحدة باستخدام المبادرة كمنصة لإطلاق عملية سياسية لإنهاء الحرب.

نبغي للطبيعة الملحّة لأزمة فيروس كوفيد–19 أن تقنع الأطراف المتحاربة، ورعاتها الخارجيين والمجتمع الدولي بالمراهنة على النوايا الطبية.

ينبغي للطبيعة الملحّة لأزمة فيروس كوفيد–19 أن تقنع الأطراف المتحاربة، ورعاتها الخارجيين والمجتمع الدولي بالمراهنة على النوايا الطبية. لقد رحب اللاعبون الرئيسيون بدعوة غوتيريش لوقف الأعمال القتالية وتجديد التركيز على تسوية سياسية لإنهاء الحرب من أجل تخفيف تبعات التفشي المحتمل للفيروس. الآن ينبغي عليهم القبول بما تعنيه موافقتهم؛ أي وقف القتال الآن بدلاً من الانخراط في مفاوضات طويلة حول شروط وأحكام وقف إطلاق النار. وهذا يعني، بعبارة أخرى، الخروج عن السوابق وتحاشي النمط المتكرر في الجولات السابقة لمفاوضات الأمم المتحدة عندما سعى الحوثيون، والحكومة والسعوديون إلى تحميل كلفة أي اتفاق لخصومهم والتقدم بمطالب قصوى.

الوقت الآن ليس وقت إعادة التفاوض على نفس القضايا القديمة بل وقت تجاوزها. ينبغي على جميع أطراف الصراع القبول، دون قيد أو شرط، بتجميد القتال على مستوى البلاد طبقاً لدعوة الأمين العام، والعمل بنية طيبة لوضع خطة استجابة لتفشي فيروس كوفيد–19 دون تأخير. كما ينبغي على مبعوث الأمم المتحدة، وبمساعدة الولايات المتحدة، والأطراف الدولية المعنية الأخرى، أن يعطي الأولوية للعب دور قيادي في تيسير تنفيذ تجميد القتال وتنسيق الدعم السياسي لخطة الطوارئ للاستجابة لتفشي فيروس كورونا، التي ستشمل بالضرورة الوصول غير المقيد للمساعدات الطبية والإنسانية التي يحتاجها اليمنيون بشكل ملحّ، إضافة إلى السلع التجارية، إلى منافذ البلاد.

وينبغي لمثل هذا الاتفاق أن يشمل التعاون والمشاركة من جميع الأطراف المتحاربة، بما في ذلك الحوثيين، والحكومة، والانفصاليين الجنوبيين والقوات المعادية للحوثيين على ساحل البحر الأحمر، الذين رحبوا جميعاً بالدعوة إلى وقف إطلاق النار. وتشكل إجراءات تشمل إعادة الفتح الجزئي لمطار صنعاء، وتخفيف القيود المفروضة على الشحنات التي تدخل ميناء الحديدة، وإزالة الحواجز الموجودة على الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة إجراءات حيوية سواء لتخفيف أثر الحرب الاقتصادية الدائرة منذ خمس سنوات على اليمنيين العاديين أو لبناء الثقة بين الأطراف استعداداً لعملية سياسية وطنية.

إن مدى سرعة موافقة الأطراف على خطة وقف لإطلاق النار بسبب فيروس كوفيد–19 ومن ثم تنفيذ هذه الخطة سيشكل دليلاً على التزام الأطراف بمصلحة الشعب اليمني الذي تدّعي تمثيله و/أو حمايته. لابد لها من اجتياز هذا الاختبار.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.