تنبيه من مخاطر الصراع: اليمن
تنبيه من مخاطر الصراع: اليمن
The Conflict in Yemen Is More Than a Proxy War
The Conflict in Yemen Is More Than a Proxy War
Alert / Middle East & North Africa 4 minutes

تنبيه من مخاطر الصراع: اليمن

لقد تصاعد المد السياسي في اليمن بشكل حاسم ضد الرئيس علي عبد الله صالح، وباتت خياراته محدودة؛ فإما أن يقاتل ضد جيشه أو يُفاوض للتوصل إلى انتقال سريع ومشرّف للسلطة.  إذا لجأ إلى الخيار الأخير، فإن لدى صالح فرصة في ضمان رحيل مشرّف؛ والأكثر أهمية من ذلك، تجنيب بلاده حرباً أهلية دموية وبشعة.

جاءت نقطة التحول الحاسم في 18 آذار/مارس عندما أطلق قناصة من على أسطح المباني النار على متظاهرين غير مسلحين في صنعاء، فقتلوا أكثر من 50 شخصاً وجرحوا المئات.  في حين تبقى التفاصيل غامضة ويستمر النظام في إنكار تنظيم عمليات إطلاق النار، فإن الضرر السياسي قد حصل، وقد كان ذلك الضرر كبيراً جداً.  أدى انتشار صور عشرات الشباب الذين أطلقت النار عليهم في رؤوسهم وصدورهم إلى شحن المشاعر المعادية للنظام وزادت من حدة الغضب ضده.  في اليوم التالي، بدأ تأييد النظام بالتراجع مع انطلاق موجة من استقالات دبلوماسيين بارزين، وأعضاء في الحزب الحاكم ومسؤولين حكوميين.

زعيم اتحاد قبائل حاشد، الشيخ صادق الأحمر، الذي ظل في السابق صامتاً حيال موضوع مصير الرئيس، أعلن عن دعمه لحركة الاحتجاجات ومطالبها.  الأهم من ذلك، وفي 22 آذار/مارس، أعلن أحد أقرباء الرئيس، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى، علي محسن الأحمر، أنه سيحمي ويدعم المتظاهرين.  دفع قرار علي محسن، الذي يُعتبر على نطاق واسع ثاني أقوى رجل في اليمن، عشرات الضباط للاستقالة، وهو ما حوّل توازن القوى داخل الجيش ضد الرئيس.  في اللحظة الراهنة، فإن الجيش النظامي يدعم في معظمه حركة الاحتجاجات، في حين أن الحرس الجمهوري، الذي يقوده ابن الرئيس، أحمد علي صالح، وجهاز الأمن القومي وقوات الأمن المركزي، الذي يقودهما أبناء أخ الرئيس، يظلا مواليين له.

قبل أحداث 18 آذار/مارس، كانت هناك فرصة أمام صالح للتفاوض وحتى ليقود عملية الإصلاح والتحول السلمي للسلطة.  غير أن هذه الفرصة تلاشت.  إن إعادة ترتيب تحالفات النخبة، خصوصاً داخل اتحاد قبائل حاشد، لا يترك له خيارات كثيرة.  مع وقوف الوحدات العسكرية المتنافسة وجهاً لوجه في شوارع صنعاء، ثمة حاجة لانتقال سريع للسلطة إلى حكومة مدنية مؤقتة لتجنب المواجهة واحتمال انتشار العنف على نطاق واسع.

يمكن للرحيل السلمي لصالح أن يعالج قضية هامة، غير أن المسألة التي لا تقل أهمية هي ما سيحدث بعد ذلك.  في هذه المرحلة، ثمة مخاطرة جدّية في أن تتم مصادرة مطالب المتظاهرين بقيام حكومة ديمقراطية مؤسساتية تخضع للمساءلة من قبل المصالح القبلية والدينية القوية وأن يتم تشويه هذه المطالب.  في حين أن النشطاء الشباب ونشطاء المجتمع المدني هم الذين أطلقوا حركة الاحتجاجات، إلا أن الأحزاب السياسية الكبيرة، والنخب العشائرية وعلماء الدين الأقوياء اغتنموا الفرصة، جزئياً على الأقل، للدفع بمصالحهم السياسية.

المفارقة هي أن الداعمين الحاليين الأقوى لحركة الاحتجاجات – علي محسن الأحمر، وأخوة الشيخ صادق الأحمر والقادة السلفيين مثل الشيخ عبد المجيد الزنداني – كانوا ولوقت طويل ضمن الدائرة الداخلية للنظام ورموز الوضع الراهن.  بمرور الوقت، شعر علي محسن والجيل الأكبر من قبيلة الرئيس، سنحان، إضافة إلى الأخوة الأحمر، بقدر أكبر من التهميش بعد أن أصبحت السلطة تتركز بشكل أساسي حول ابن الرئيس وأبناء أشقائه.  واليوم، بات هذا التنافس داخل اتحاد قبائل حاشد عاملاً هاماً في سياق حركة الاحتجاجات. 

المحتجون يعون بشكل كامل لعبة شد الحبل هذه؛ وفي حين أنهم يرحبون بأي دعم يتلقونه للإطاحة بصالح، فإنهم قلقون من الدور الذي يمكن لهذه النخب أن تلعبه في المستقبل.  وما لم يتم اتخاذ خطوات فورية للعمل على ماسسة مطالب المحتجين فإن البلاد تخاطر في استبدال النظام الحالي بنظام آخر يحمل كثيراً من ملامحه، وتسيطر عليه النخب القبلية من حاشد والإسلاميين الأقوياء. 

هذه الحصيلة، التي تتعارض مع المطالب الكامنة في جوهر الانتفاضة، لا تشكل وصفة صالحة للاستقرار أو للانتقال إلى حكم أكثر ديمقراطية.  زد على ذلك أنها من شبه المؤكد ستؤدي إلى تفاقم التوترات الحالية في المناطق المضطربة من البلاد، خصوصاً في صعدة وجنوب اليمن.  وبالفعل، فإن علي محسن، والأخوة الأحمر والزنداني معروفون بنهجهم المتشدد في الصراع مع الحوثيين في الشمال وبتشككهم حيال أي حكم محلي حقيقي أو أي شكل من أشكال الفيدرالية الجنوبية. 

باختصار، فإن المد يرتفع ضد صالح لكن ليس بالضرورة لمصلحة الانتقال السلمي للسلطة أو لمصلحة أولئك الذين يطالبون بإجراء تغيير حقيقي.  ثمة عدد من الخطوات الجوهرية لمنع حدوث خسائر في الأرواح وتحقيق انتقال سياسي ناجح تتمثل فيما يلي:.     ينبغي على الرئيس صالح أن يقبل فوراً بالانتقال السلس والسلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية مدنية؛

 ينبغي على زعماء المعارضة وداعمي حركة الاحتجاجات تيسير خروج سريع ومشرّف لصالح، مع ابنه وأبناء شقيقه، من خلال الاستمرار في المفاوضات حول انتقال سريع ومنظم يتضمن جدولاً زمنياً محدداً وآليات واضحة لنقل السلطة.

باختصار، فإن المد يرتفع ضد صالح لكن ليس بالضرورة لمصلحة الانتقال السلمي للسلطة أو لمصلحة أولئك الذين يطالبون بإجراء تغيير حقيقي.  ثمة عدد من الخطوات الجوهرية لمنع حدوث خسائر في الأرواح وتحقيق انتقال سياسي ناجح تتمثل فيما يلي:

  •  ينبغي على الرئيس صالح أن يقبل فوراً بالانتقال السلس والسلمي للسلطة إلى حكومة انتقالية مدنية؛
     
  •  ينبغي على زعماء المعارضة وداعمي حركة الاحتجاجات تيسير خروج سريع ومشرّف لصالح، مع ابنه وأبناء شقيقه، من خلال الاستمرار في المفاوضات حول انتقال سريع ومنظم يتضمن جدولاً زمنياً محدداً وآليات واضحة لنقل السلطة.
     
  •  من أجل ضمان تحقيق انتقال ذي معنى للسلطة، ينبغي على الحكومة الانتقالية أن تقوم بما يلي:
    •  أن تضم في عضويتها أعضاء من الشباب ونشطاء المجتمع المدني، وممثلين عن مختلف الكتل السياسية، إضافة إلى ممثلين عن مختلف المناطق اليمنية، بما في ذلك صعدة، و "وسط اليمن"، ومناطق اليمن الجنوبي السابق.
       
    •  تنظيم مؤتمر تأسيسي بهدف  تأسيس نظام برلماني، ووضع الضوابط والموازين الواضحة للفصل والتوازن بين السلطات، والإشراف والسيطرة  المدنيين على الجيش، وتوفير الضمانات المؤسساتية لحماية الحريات السياسية ونظام الأقاليم.
       
  •  كما ينبغي على المجتمع الدولي أن يقوم بما يلي:
    •  إدانة العنف من جميع مصادره، سواء كان من جانب القوات الموالية للرئيس صالح أو قوات علي محسن، أو من المتظاهرين؛
       
    •  تعليق المساعدة العسكرية والأمنية للنظام إذا استمر باللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين المسالمين؛
       
    •  الاستمرار بالتوسط بين قادة الاحتجاجات من الشباب والمجتمع المدني، وزعماء المعارضة وأركان النظام السابق للتوصل إلى تسوية سلمية مع صالح.

صنعاء/بروكسل
 

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.