تحذير من مخاطر الصراع في اليمن: اغتنموا الفرصة لإنهاء الصراع
تحذير من مخاطر الصراع في اليمن: اغتنموا الفرصة لإنهاء الصراع
A Southern Resistance fighter is pictured through a damaged door glass in Yemen's southern port city of Aden on 24 July 2015. REUTERS/Faisal Al Nasser
A Southern Resistance fighter is pictured through a damaged door glass in Yemen's southern port city of Aden on 24 July 2015. REUTERS/Faisal Al Nasser
Alert / Middle East & North Africa 4 minutes

تحذير من مخاطر الصراع في اليمن: اغتنموا الفرصة لإنهاء الصراع

لقد تحوّل المدّ العسكري ضد المقاتلين الحوثيين في اليمن. لقد بدأ التحالف الذي تقوده السعودية، مدفوعاً بانتصاراته الأخيرة، بالتقدّم نحو مركز البلاد من عدن، المدينة الجنوبية التي تم الاستيلاء عليها في أواسط تموز/يوليو، وقد يحاول الاستيلاء على العاصمة، صنعاء، متجهاً إلى الشمال. من أجل تجنّب مرحلة جديدة من الصراع يمكن أن تكون أكثر فتكاً من سابقاتها، على الحوثيين الالتزام بالتنازلات التي قدّموها للأمم المتحدة من خلال جهود الوساطة في مسقط في الثامن والتاسع من آب/أغسطس، بما في ذلك انسحاب الميليشيات من المدن طبقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216 (14 نيسان/أبريل). بالمقابل، على خصومهم القبول بتسوية تسمح بالتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري، والشروع في مفاوضات حول تفاصيل انسحاب منظّم للميليشيات من المدن والعودة إلى العملية السياسية اليمنية لتسوية المسائل العالقة.

المقاتلون الحوثيون، مدعومين بوحدات عسكرية تابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، جنوباً، ما أجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي على الهروب إلى الرياض. وفي الحال، أطلقت السعودية، التي تعتبر الحوثيين وكلاء لإيران، حملة من الغارات الجوية وفرضت، بحكم الأمر الواقع، حصاراً جوياً وبحرياً لعكس تقدّم الحوثيين وإعادة حكومة هادي إلى البلاد. بحلول نهاية حزيران/يونيو، كان التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يضم تسع دول أخرى معظمها عربية، قد أبطأ تقدم الحوثيين في الجنوب والشرق، حيث المعارضة المحلية للحوثيين في أقوى حالاتها.

في تموز/يوليو، تم كسر حالة الجمود حين قامت مجموعات جديدة من القوات البرية (المكوّنة من قوات يمنية إضافة إلى قوات التحالف)، مدعومة بدفعة جديدة من العربات المصفّحة المصنّعة في الغرب، وضربات جوية مكثفة، بإنهاك الحوثيين الذين كانوا قد وزّعوا قواهم في مناطق أوسع مما يستطيعون السيطرة عليه في عدن. في 15 تموز/يوليو، استولى المقاتلون الذين يحاربون الحوثيين على مطار عدن الدولي، وخلال أسبوعين كانوا قد عززوا سيطرتهم على معظم أجزاء المدينة. ومنذ ذلك الحين توسّعوا أكثر وانتزعوا السيطرة على المحافظات المحيطة بعدن من الحوثيين الذين أنهكتهم الحرب، والذين نشروا قواتهم على مناطق أوسع مما يمكنهم السيطرة عليه ولم يكونوا في وضع سهل في المناطق البعيدة عن مناطقهم الأصلية في الشمال. لقد غيّرت هذه المكاسب من الوضع النفسي للمحاربين وألهمت قوات المعارضة لتكثيف معاركها ضد الحوثيين في مناطق الشمال في محافظات تعز، وإب، وصنعاء ومأرب.

ثمة مخاوف مشروعة الآن من أن يشعر التحالف الذي تقوده السعودية بإغراء التخلّي عن التسوية السياسية والسعي بدلاً من ذلك إلى نصر عسكري أكثر حسماً في سائر أنحاء البلاد، بما في ذلك في العاصمة. أفعال التحالف تشير إلى أنه يخطط لذلك، إلاّ أن حملة عسكرية في المرتفعات الشمالية، وخصوصاً في صنعاء، ستدشن على الأرجح مرحلة عسكرية أكثر خطورة، مصحوبة بأزمة إنسانية كارثية، وستدفع اليمن بعيداً عن أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي دائم.

يوشك التحالف على تكرار نفس الخطأ الرئيسي الذي ارتكبه الحوثيون وهو التوسع بسرعة إلى مناطق لا ترحب به، سيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، السيطرة عليها والاحتفاظ بها. معظم انتصارات التحالف حتى الآن هي في المناطق الجنوبية والشرقية، ذات الأغلبية الشافعية (السنية) حيث المقاومة ضد الحوثيين في أقوى حالاتها. أما المرتفعات الشمالية فهي مختلفة جداً، فلدى الحوثيين هناك قاعدة شعبية ومناطق جبلية مألوفة تمكّنهم من الاستمرار في حرب عصابات طويلة. كما أن لديهم أعداء كثيرين بالطبع، خصوصاً بين العائلات القبلية مثل آل الأحمر وأعضاء حزب الإصلاح الإسلامي السني. غير أن المعارضة الكامنة للحوثيين لدى المجموعات الأخرى، مثل حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح، والوحدات العسكرية التابعة له، يخفف منها الاستياء الواسع من الحملة العسكرية التي تقودها السعودية، ومن الرئيس هادي وحزب الإصلاح. ان محاولات التحالف لدعم المقاتلين الذين يحاربون الحوثيين في هذه البيئة المعقدة من المرجح أن تؤدي إلى تغذية اقتصاد حرب مزدهر أكثر مما ستؤدي إلى إحراز نصر عسكري حاسم ضد ميليشيا محلية متجذرة في مناطقها.

بدلاً من التسبب في مزيد من أعمال العنف، يمكن للمكاسب الأخيرة التي حققها التحالف أن تشكل، بل ينبغي أن تشكل، محوراً لحل سياسي. لقد سبق للمبعوث الخاص للأمم المتحدة الاجتماع مع ممثلين عن الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح في مسقط لمناقشة رزمة من الحلول من شأنها أن تيسّر التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم والتحرّك نحو المفاوضات السياسية. لقد تم تحقيق تقدم كبير، وللمرة الأولى أظهر الحوثيون استعدادهم للتعامل بجدية مع مطالب الطرف المعارض لهم، بما في ذلك الانسحاب من المدن والعمل في إطار قرارات مجلس الأمن. يبدو أن التحوّل في ميزان القوى على الأرض وفّر فرصة لتسوية، لكن هذا سيتحقق فقط إذا تمكنت الحكومة اليمنية في الرياض وداعميها السعوديين من اغتنام هذه الفرصة.

ينبغي اتخاذ عدة خطوات كي لا تضيع هذه الفرصة:

  • على الحكومة اليمنية في الرياض والتحالف الذي تقوده السعودية دعم التقدم الذي تم إحرازه في مسقط والعمل مع مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى خطة إطارية تؤدي، بين أشياء أخرى، إلى وقف إطلاق نار فوري، وانسحاب الميليشيات من المدن والعودة إلى العملية السياسية، وأن يتم ذلك كله طبقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216.
     
  • بعد ذلك، على الجانبين أن يوافقا علناً على الإطار الذي توصلت إليه الأمم المتحدة. بعض مكوّنات الخطة ستستغرق وقتاً أطول من غيرها، من حيث التفاوض والتنفيذ، لكن بوسع الطرفين المتحاربين القيام بأمرين في آن واحد من أجل بناء الثقة:
    • إطلاق سراح السجناء السياسيين؛
    • سحب الميليشيات من مدينة تعز الجنوبية طبقاً لخطة تم التوصل إليها محلياً لإعادة السيطرة على المدينة للجنة الأمنية المحلية. خطة تعز جاهزة ويمكن أن تشكل نموذجاً لمدن أخرى، بما في ذلك صنعاء؛
       
  • حالما يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار، على الحوثيين أن يسحبوا فوراً الأسلحة الثقيلة من الحدود السعودية وأن تسرّع السعودية من إيصال المساعدات إلى محافظة صعدة شمال اليمن.
     
  • على الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وخصوصاً الولايات المتحدة التي دأبت على تقديم الأسلحة وأشكال أخرى من الدعم للمجهود الحربي للتحالف، أن يدعموا بوضوح جهود مبعوث الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2216 وأن يكونوا مستعدين لإصدار قرار لاحق يدعم العملية السياسية وينتقد أي طرف يرفض تسوية مدعومة من قبل مبعوث الأمم المتحدة.

يشكل الاختراق الأخير في مسقط، والذي يعود الفضل الكبير في التوصل إليه إلى عُمان، فرصة حقيقية لوقف التدهور المتسارع في اليمن. لقد أحدثت الحرب انقساماً عميقاً في النسيج الاجتماعي في البلاد، وفاقمت وعسكرت الانقسامات السياسية والطائفية والإقليمية القائمة بشكل يجعل التوصل إلى حل سياسي أكثر صعوبة. لقد قتل أكثر من 4,000 شخص في المعارك وباتت البلاد على شفا المجاعة بسبب الحرب. إذا لم يتم اغتنام هذه الفرصة، فإن الجولة الجديدة من العنف ستكون أكثر تدميراً، ليس فقط في الشمال، بل أيضاً في الجنوب والشرق حيث باتت مجموعات من المقاتلين المعادين للحوثيين، (بداية بالانفصاليين الجنوبيين وانتهاء بالقاعدة) مسلحة تسليحاً كبيراً ومن المحتمل أن تتحوّل إلى مقاتلة بعضها بعضاً.

بروكسل

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.