Employees work in the Natanz nuclear facility 300 kilometers south of Tehran 20 November 2004. REUTERS
Report / Middle East & North Africa 20+ minutes

خمس سنوات على الاتفاق النووي الإيراني: انبعاث جديد؟

الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه عام 2105 يدخل عام 2021 متشبثاً بالحياة، بعد نجاته من انسحاب إدارة ترامب ومن خروقات إيران لالتزاماتها. عندما تتولى إدارة بايدن مهامها، ينبغي على واشنطن وطهران التحرك بسرعة وبالتوازي لإعادة إحياء الاتفاق بشروطه الأصلية.

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ما الجديد؟ بدأ الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع في عام 2015 مترنحاً في أفضل حالاته منذ انسحبت إدارة ترامب منه في عام 2018، وفرضت عقوبات اقتصادية ألحقت ضرراً كبيراً بالجمهورية الإسلامية. ورداً على ذلك، صعّدت طهران نشاطها النووي في انتهاك لالتزاماتها بموجب الاتفاق. يمكن لتدشين الفترة الرئاسية للرئيس المنتخب جو بايدن أن يشكل نقطة تحوّل.

ما أهمية ذلك؟ بالنظر إلى فشل استراتيجية ترامب بممارسة "أقصى درجات الضغط" في تحقيق أهدافها، فقد تكون اقتربت من نهايتها. ويمكن لاستعادة الاتفاق النووي، مع مزاياه الكبيرة في مجال منع الانتشار النووي، أن تفضي إلى حوار دبلوماسي أوسع بين الولايات المتحدة وإيران. لكن قد يشعر أحد الأطراف أو كلاهما بإغراء طرح مطالب إضافية، مما سيشكل وصفة جاهزة للوصول إلى طريق مسدود.

ما الذي ينبغي فعله؟ ينبغي على إدارة بايدن القادمة وإيران التحرك بسرعة لإعادة إحياء الاتفاق النووي بشروطه الحالية. ومن المرجح أن يكون جدول زمني متعاقب يعيد الطرفين إلى الالتزام التام بالاتفاق أفضل سبيل لخفض التصعيد النووي والإقليمي، وسيفتح إمكانية الشروع في محادثات أوسع مع الرئيس الإيراني القادم.

الملخص التنفيذي

لقد وصل الاتفاق النووي الإيراني، الذي يعرف رسمياً بخطة العمل الشاملة المشتركة بتعثر إلى السنة السادسة من حياته. لكن الاتفاق أصبح هشاً على نحو متزايد مع انتهاك إيران لبعض قيوده الرئيسية رداً على العقوبات الأميركية الأحادية التي تمنع التطبيع الاقتصادي الذي صمم الاتفاق لتحقيقه. أصرت إدارة ترامب المنصرفة على أن استراتيجيتها في ممارسة "أقصى درجات الضغط" ستفضي إلى اتفاق نووي أفضل. هذه العملية القسرية لم تفشل فقط، بل إنها أفضت أيضاً إلى عكس المكاسب الكبيرة التي تحققت في مجال منع الانتشار التي كان الاتفاق قد حققها وأدت إلى تبني إيران موقفاً إقليمياً أكثر عدوانية. ينبغي على إدارة بايدن القادمة أن تعود بسرعة إلى الاتفاق، إذا عكست إيران خروقاتها لخطة العمل الشاملة المشتركة. وهذا أفضل السبل لتجنب أزمة نووية في بداية عهدها، واستعادة التعاون عبر الأطلسي، وتيسير المكاسب المالية التي صمم الاتفاق لتوفيرها للشعب الإيراني وتوفير أساس لمفاوضات مستقبلية حول مسائل تقع خارج الملف النووي لخطة العمل الشاملة المشتركة. 

عندما تم التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة أصلاً، كانت قيودها هي نقاط قوتها. فقد أعطى الاتفاق مكان الصدارة للهواجس الاستراتيجية التي تتشاطرها الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى، والمتمثلة في كبح جماح البرنامج النووي الإيراني. وقد كان لهذه القوى هواجس أخرى حيال إيران أيضاً، وبشكل رئيسي برنامجها للصواريخ البالستية وفرض قوتها في الشرق الأوسط، لكنها أدركت أن أخطر تهديد يمكن أن تشكله للسلم والأمن الدوليين هو احتمال تطويرها لسلاح نووي. إدارة ترامب تبنت مقاربة مختلفة؛ من وجهة نظرها فإن فرض حصار اقتصادي على إيران سينتزع تنازلات أكبر منها بشأن برنامجها النووي وأيضاً بشأن الهواجس الأخرى. لقد كانت تداعيات هذه الاستراتيجية حادة على إيران – ثلاث سنوات متتابعة من الركود – ولم يتمكن المشاركون الآخرون في الاتفاق من تخفيف حدة الألم.

إلا أن إلغاء الحافز الرئيسي لوفاء إيران بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة دفع طهران إلى التخلي عن هذه القيود، لا لأن تقبل بقيود أكثر صرامة. في مطلع كانون الثاني/يناير، أعلنت إيران عن أحدث حلقة في سلسلة من الانتهاكات المثيرة للقلق، حيث رفعت معدلات تخصيب اليورانيوم إلى 20%، وهو مستوى يقترب بشكل خطر من درجة التخصيب اللازمة لصناعة الأسلحة، ويهدد بتقليص عملية المراقبة والتحقق الدولية بشكل حاد، وهي أبرز إنجازات الاتفاق. في هذه الأثناء، تزايدت الاحتكاكات بين الطرفين وبين حلفاء كل منهما. أصر منتقدو خطة العمل الشاملة المشتركة على أن ممارسة المزيد من الضغط سيفضي إلى الحصول على اتفاق أفضل. لكن كل ما حققوه هو إفراغ الاتفاق الحالي من محتواه. لقد أفضت حقبة "أقصى درجات الضغط" إلى وضع أسوأ على جميع الأصعدة: ركود اقتصادي في إيران، ومخاوف دولية متصاعدة حيال برنامجها النووي وتوترات إقليمية متصاعدة.

لأكثر من نصف حياة خطة العمل الشاملة المشتركة، صارع الاتفاق ليس مع غياب مشارك رئيسي وحسب، بل مع جهود أميركية نشطة لتقويضه. وحقيقة أن الاتفاق ظل على قيد الحياة أصلاً يبرز قوة الصفقة المحورية فيه، والمتمثلة في تقليص أنشطة إيران النووية مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية التي فرضت رداً على تلك الأنشطة بالتحديد. إن استعادة هذا الفهم أمر جوهري، ومع الوصول الوشيك لإدارة أميركية جديدة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن، فإن هذه الاستعادة ممكنة أيضاً. لكن ذلك سيتطلب من واشنطن وطهران على حد سواء، إضافة إلى القوى الأخرى المشاركة في الاتفاق، التحرك سريعاً وبنيّة طيبة نحو إعادة الاتفاق إلى الحياة. إن إخضاع الدبلوماسية إلى فرض التفوق عبر التركيز على ممارسة النفوذ وفرض مطالب إضافية من قبل أي طرف سيؤدي إلى الخلاف، وهي نتيجة يمكن توقعها بقدر ما يمكن تحاشيها. يمكن للأطراف إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة من خلال ما يلي:

  • التزام إدارة بايدن بعكس القرار الذي اتخذه ترامب عام 2018 بالخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة، مصحوباً بالموافقة على حصول إيران على قرض بقيمة 5 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لمواجهة جائحة كوفيد-19، وهو الإجراء الذي يضمن احترام الاستثناءات الإنسانية من العقوبات الأميركية.
  • قيام إيران بوضع جدول زمني، بالتشاور مع اللجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، لتنفيذ عكس كامل لخروقاتها للاتفاق النووي خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر. وسيترتب على طهران تفكيك أجهزة الطرد المركزي الفائضة وتفكيك أو شحن مخزونات اليورانيوم المخصّب التي تتجاوز ما يسمح به الاتفاق إلى الخارج.
  • قيام الولايات المتحدة بالتحضير لإلغاء العقوبات التي فرضت في حقبة ترامب شريطة تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن النشاط النووي الإيراني متوافق تماماً مع التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة. ويمكن للطرفين الاتفاق على تعاقب هذه الخطوات بالتوازي.
  • قيام جميع الأطراف بتحضير الأرضية لمفاوضات متابعة تحدد فرص الانخراط التعاوني، بدلاً من الخصامي بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك. ويمكن لحوار إقليمي، مدعوم من الولايات المتحدة، والأمم المتحدة ومجموعة محورية من الدول الأوروبية، أن يركز أولاً على الصراع في اليمن، حيث لجميع الأطراف مصلحة بإنهاء حرب مكلفة وكارثة إنسانية.

لم تكن خطة العمل الشاملة المشتركة حلاً سحرياً من شأنه أن ينهي عداءً مستمراً منذ عقود بين إيران والولايات المتحدة. ولم يكن المقصود منه تسوية كل قضية تسبب التوتر في علاقات طهران مع الغرب ومع جيرانها. لكن ما حققته، وما يزال من الممكن أن تقدمه، هو اتفاق قوي على منع الانتشار النووي يجعل معالجة تلك الهواجس الأخرى أكثر سهولة.

واشنطن/بروكسل/طهران، 15 كانون الثاني/يناير 2021

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.