بالحديث عن إعادة الإعمار في سورية في مرحلة ما بعد الحرب
بالحديث عن إعادة الإعمار في سورية في مرحلة ما بعد الحرب
Op-Ed / Middle East & North Africa 4 minutes

بالحديث عن إعادة الإعمار في سورية في مرحلة ما بعد الحرب

صحيح إن الحقيقة البديهية تقول إنه لا بد لجميع الصراعات أن تنتهي، لكن الصراعات لا تنتهي بالضرورة بسرعة أو بشكل كامل. في حين أن الإعلان عن نهاية الحرب الأهلية في سورية سابق جداً لأوانه، لكن رغم ذلك فقد بات من الواضح على مدى العام الماضي أن الصراع بدأ مساره نحو النهاية، بفضل الالتزامات العسكرية لروسيا وإيران وحزب الله، ويحصل ذلك إلى حد بعيد بشروط نظام الأسد. أما متى وكيف سينتهي الصراع، فإن ذلك يعتمد على: إما تحقيق النصر الحاسم أو التوصل إلى هدنة تفاوضية متبوعة بعملية انتقال سياسي. أما ما إذا كان أي سلام يتحقق سيستمر فإن ذلك يعتمد جزئياً على مدى ونطاق إعادة الإعمار في حقبة ما بعد الحرب. وهنا يطرح السؤال نفسه: من ينبغي أن يقوم بذلك، وبأية شروط؟

في الحرب، تذهب المغانم للمنتصر، لكن يذهب معها أيضاً عبء المحافظة على السلام، خشية تجدد الصراع مرة أخرى، وهو ما يتطلب استثمارات جديدة في الدماء والثروات. هل روسيا وإيران مستعدتان وقادرتان على الاضطلاع بهذا العبء؟ إن النطاق الحالي للدمار قد يتجاوز حدود الخيال، ويحتاج الأمر إلى سنوات من الهدوء النسبي على الأقل وتدفقاً كبيراً للأموال لاستعادة حد أدنى من القابلية للحياة في المناطق التي طالتها أسوأ آثار الحرب. لقد أظهرت روسيا وإيران قوتهما العسكرية، لكن هل تستطيعان دعم ذلك على المدى البعيد بالموارد المالية اللازمة؟ هذا أمر موضع شك كبير، لكنهما لا تستطيعان ترك الأمور تتباطئ في مرحلة ما بعد الصراع. بعبارة أخرى، قد تكون لديهما الإرادة، لكن يبدو أنهما لا تمتلكان القدرة.

الحل الذي تم تقديمه يتمثل في اضطلاع الدول والمؤسسات الغربية بالمسؤولية الرئيسية عن تمويل إعادة الإعمار. لكن هذه الدول والمؤسسات أوضحت بجلاء، كما عبّر عن ذلك الاتحاد الأوروبي، بأنها "ستكون مستعدة للمساعدة في إعادة إعمار سورية فقط عندما تنطلق عملية انتقال سياسي حقيقي وشامل يتم التفاوض عليه من قبل الأطراف السوريين في الصراع على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 وإعلان جنيف".

وهنا أيضاً ينبغي لمسألة استعداد روسيا وإيران أن توضع موضع شك؛ فمن أجل المحافظة على مكاسبهما العسكرية، هل ستضحيان بسهولة بمكسبهما السياسي الرئيسي، المتمثل في بقاء النظام، والموافقة على احتمال إزاحة عائلة الأسد من السلطة إذا سمحتا بتنفيذ الخطوات الواردة في القرار 2254 نصاً وروحاً؟ هما فقط تستطيعان الإجابة، وقد لا يكون لديهما نفس المنظور حيال المسألة. على سبيل المثال، من الواضح أن روسيا تريد المحافظة على أجهزة الدولة، لكن من الممكن، رغم أن ذلك ليس مرجحاً، أن توافق على القيام بذلك دون الأسد كحصيلة لعملية الانتقال السياسي. على النقيض من ذلك، فإن إيران، واستناداً إلى نموذج طبقته في أماكن أخرى، من المرجح أن تفضل سورية محكومة بمراكز قوى متنافسة تستطيع السيطرة عليها، تحت القيادة الكلية لعائلة الأسد، حليفها الاستراتيجي الوثيق.

الأوربيون والأميركيون وضعوا شروطهم لكنهم قد لا يتمتعون بالنفوذ اللازم لفرض هذه الشروط. في المحصلة، فإن رفض تمويل إعادة الإعمار قد يطيل حرباً يمكن أن تبعث بموجات جديدة من اللاجئين إلى أوروبا، التي أثبتت عدم قدرتها الكاملة على استيعابهم. ولذلك فإن للدول الغربية مصلحة في انتهاء الحرب وتحقيق سلام دائم من خلال إعادة إعمار حقيقية. الحجة التي حاولت هذه الدول تسويقها هي أن سورية في ظل استمرار حكم الأسد لن تتمكن من تحقيق سلام مستقر، وبالتالي فإن الشروط الواردة في القرار 2254 معقولة. لكن روسيا وإيران قد لا تكونان مستعدتين للقبول بهذه الحجة، وتفضلان حسابات مختلفة مفادها أن المحافظة على النظام سيضمن سلاماً "جيداً بما فيه الكفاية" مع أو بدون إعادة إعمار على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، فإن التصدعات بدأت بالظهور في الموقف الموحد شكلياً لدول الاتحاد الأوروبي، حيث بدأت بعضها بالتلميح إلى أنها قد تدعم إعادة الإعمار دون تحقيق الشروط العلنية للاتحاد الأوروبي. لكن حتى إذا تمكنت جميع الأطراف من الاتفاق على مبدأ الانتقال السياسي، فإن تحدي تنفيذه سيكون هائلاً. بصرف النظر عن شيطان التفاصيل الذي يضرب به المثل، فإن إحدى العقبات الرئيسية ستتمثل في اقتصاد الحرب المزدهر الذي عاد بالفائدة على مجموعة صغيرة من رواد الأعمال – حيث يشكل "رواد الأعمال" مصطلحاً كريماً هنا – في النظام وحوله. لا بد من أن يقتنع هؤلاء بأنهم سيتمكنون من الاستفادة من تدفق أموال إعادة الإعمار – إذا منحوا إمكانية الوصول إليها – أكثر من استفادتهم من استمرار الحرب. إلا أن دعم المتربحين من الحرب كما لو كان ذلك مكافأة لهم على فرض كل هذا البؤس على الشعب السوري قد لا يلقى قبولاً لدى الشعوب الغربية التي سيطلب منها دفع فاتورة إعادة الإعمار.

لا يزال من المبكر جداً على روسيا وإيران إعلان النصر في سورية. قد لا تنتهي الحرب قريباً، وقد تولد صراعات جديدة: في إدلب بين النظام والجهاديين، وعلى الحدود العراقية بين الولايات المتحدة وإيران، وعلى مرتفعات الجولان بين إسرائيل وحزب الله، و/أو حول المنطقة الكردية المستقلة بحكم الأمر الواقع والتي اقتطعها الأكراد في الشمال. لكن لم يعد من المبكر أن يبدؤوا بمناقشة الاستراتيجية التي سيتبنونها ليس فقط لكسب الحرب بل أيضاً لكسب السلام، الآن وقد بات من الممكن للحرب أن تنتهي.

إذا اختارتا الطريقة التي اقترحتها موسكو على الاتحاد الأوروبي، أي أن تضطلع الدول والمؤسسات الغربية بدور قيادي في تمويل إعادة الإعمار، فإن على روسيا وإيران أن تقدما التطمينات التي تطلبها هذه الدول والمؤسسات. وعلى هذه الأخيرة أن تقرر ما إذا كان تقديم مثل هذه الأموال سيحقق مصلحتها الجوهرية في إنتاج سورية تستطيع العيش معها في حقبة ما بعد الحرب.

إن عدم الشروع في مثل هذا النقاش من شأنه أن يؤدي إلى حصيلة مألوفة في سورية: صراع وعدم استقرار مزمنان، وعدم تمكن اللاجئين والنازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية، وعمليات انتشار غير محددة للقوات العسكرية لروسيا وإيران وحزب الله لا تحل مشكلة، وقد يتبين أنها لا تحظى بالشعبية لدى الجمهور المحلي الذي تنتشر في أوساطه. وهذه في الحقيقة لن تكون الطريقة المناسبة "لإنهاء" الصراع.

Here the question of Russia and Iran’s willingness should also be put in doubt. To preserve their military gains, would they readily sacrifice their main political dividend – the regime’s survival – by consenting to the likely removal of the Assad family from power if they allow the steps outlined in Resolution 2254 to be implemented in both letter and spirit? Only they can answer, and they may not be of the same mind about it. For example, it is clear that Russia wants to preserve the state apparatus, but it is possible, albeit not very likely, that it would agree to do so without Assad as the outcome of a political transition. By contrast, Iran, based on a model it has applied elsewhere, would more likely prefer to see Syria governed by competing centres of power, which it can control, under the overall leadership of the Assad family, its long-time strategic ally.

The Europeans and Americans have set their conditions but they may not have the leverage to enforce them. After all, refusing to finance reconstruction may prolong a war that could send new waves of refugees into a Europe that has proved politically wobbly in absorbing them. Western states therefore have a vested interest in seeing the war come to an end and produce a durable peace through meaningful reconstruction. The argument they have tried to sell is that a Syria under Assad’s continued rule could never bring a stable peace, and so the conditions contained in Resolution 2254 are reasonable. But Russia and Iran may not be ready to buy this argument, preferring a different calculation: that preserving the regime will ensure a “good-enough” peace, with or without significant reconstruction.

It is no longer too early for [Russia and Iran] to start a discussion on what strategy they should adopt to win not just the war but also the peace, now that the war could come to an end.

Moreover, cracks have started to appear in EU member states’ nominally unified approach, with some starting to hint that they might back reconstruction without fulfilment of the EU’s stated conditions. But even if all sides can agree on the principle of a political transition, the challenge of implementing it will be tremendous. Quite apart from the proverbial devil hiding in the detail, one of the primary obstacles will be a thriving war economy that has benefited a small group of entrepreneurs – “entrepreneurs” being a generous term – in and around the regime. They will need to become convinced that they will be able to profit more from the influx of reconstruction funds – if they are given access to them – than from the war’s continuation. Yet subsidising war profiteers as if in reward for helping inflict so much misery on the mass of the Syrian people may not go over well with Western publics asked to foot the reconstruction bill.

It’s still too early for Russia and Iran to declare victory in Syria. The war may not end soon, or may spawn successor conflicts: in Idlib between the regime and jihadists, on the Iraq border between the U.S. and Iran, on the Golan Heights between Israel and Hezbollah, and/or over the de facto autonomous region the Kurds have carved out in the north. But it is no longer too early for them to start a discussion on what strategy they should adopt to win not just the war but also the peace, now that the war could come to an end.

If they choose the way Moscow has proposed to the EU – that Western states and institutions take the lead in financing reconstruction – then Iran and Russia will need to provide the kinds of assurances the latter are seeking. And the latter will need to decide whether supplying such funds will serve their fundamental interest in producing a post-war Syria they can live with.

Not starting such a discussion can only produce a default outcome in Syria: endemic conflict and instability, refugees and the internally displaced unable to return to their home areas, and indeterminate Russian, Iranian and Hezbollah military deployments that solve little and could prove unpopular with their respective domestic publics. That, truly, would not be the way to “end” the conflict.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.