الأمم المتّحدة وليبيا: محادثات، لا أسلحة
الأمم المتّحدة وليبيا: محادثات، لا أسلحة
Against Seeming Odds, Assistance Comes to Derna
Against Seeming Odds, Assistance Comes to Derna
Op-Ed / Middle East & North Africa 3 minutes

الأمم المتّحدة وليبيا: محادثات، لا أسلحة

تمشي الأمم المتحدة على حبل رفيع في ليبيا. الشهر الماضي، اتخذ مجلس الأمن قراراّ بإدانة تنظيم الدولة الاسلاميّة – وهو آخر الفاعلين من غير الدولة الذي ظهر في الفوضى الحاليّة. وبسبب هذا التهديد، يزداد الضغط على الأمم المتحدّة للتخفيف من حظر السلاح الدولي المفروض منذ أربع سنوات للسّماح بتوريد السلاح للجيش الوطني الليبي لمحاربة تنظيم الدولة. إلّا أن هذه خطوة ستكون سيئة للغاية؛ حيث من شبه المؤكد أنها ستُفشِل المحادثات الجارية بواسطة الموفد الأممي برناردينيو ليون، والقضاء على أيّ أمل في حل سلميّ، وخلق تربة خصبة لازدهار الجماعات الجهاديّة.

ليبيا منقسمة بين برلمان مٌنتخب منذ شهر يونيو/حزيران 2014 ومقره مدينة طبرق المطلّة على الساحل الشرقي، والبرلمان السابق ومقرّه طرابلس، ولكليهما حكومة وميليشيات موالية لهما. كما أن ما يسمّى بالجيش الوطني الليبي - الموالي لبرلمان طبرق برئاسة اللواء خليفة حفتر والذي أعلن في بداية عام 2014 رغبته بالقيام بانقلاب ضد الحكومة الموحّدة آنذاك – لا يتعدّى بكثير كونه ائتلافاً من الميليشيات، تماماً كما نجد على الجانب الآخر.

في هذه الفوضى، ازدهرت جماعات إسلاميّة متشدّدة. بعضها، أمثال أنصار الشريعة، انبثقت عن المجموعات الثورية التي حملت السلاح ضد نظام القذافي عام 2011، وتلقوا الدعم من حلف شمال الأطلسي ومن ثم اتّجت نحو مزيد من التطرّف. آخرون، أمثال تنظيم الدولة بفروعها الثلاثة - ولاية طرابلس وولاية برقة وولاية فزّان- هو ظاهرة جديدة ومستوردة جزئياّ، قام في الأشهر الأخيرة بتجنيد عناصر من المجموعات التي كانت موجودة مسبقاً أمثال أنصار الشريعة والمجموعات التي كانت موالية للقذافي سابقاً في مدن مثل سرت ونوفليّة. تغذّت هذه المجموعات على الاقتتال خلال العام الماضي، كما أنّ ضبابيّة الحرب والتضليل المتعمّد من قبل الخصوم الرئيسيين في ليبيا لم يساعد على الحدّ منها.

من جانب معسكر طبرق، فإنّ قادة مثل اللواء حفتر لا يفرّقون بين قوات "فجر ليبيا"- وهي ائتلاف من الميليشيات الموالية لحكومة طرابلس - وتنظيم الدولة. من الجانب الآخر، يصوِّر معسكر طرابلس كل من حكومة طبرق وتنظيم الدولة على أنهما مواليان للقذافي، كما يعتبرون اتّهام معسكر طبرق بارتباطهم بتنظيم الدولة بمثابة اختراعِ ملائم لأغراضهم. بانخراط الطرفين بمحاربة بعضهما بعضاً، فإنهما يتجاهلان أنّ تنظيم الدولة يعتبر جميع الفصائل مرتدّة ويدعو للقضاء عليها. في إشارة الى المعارك بين أنصار طبرق وأنصار طرابلس في بنغازي، قال ناشط من تنظيم الدولة لمجموعة الأزمات الدوليّة عبر الهاتف إنه "ما دامت المعركة مستمرة في بنغازي بين المعسكرين، سيستمر ازدهارنا".

المشكلة في توريد السلاح للواء حفتر على وجه الخصوص هي أنه في الشهر الماضي أظهر تعريفه الواسع للتطرّف بقصفه مطار معيتيقة في طرابلس، والذي يستخدم للطيران المدني، في إطار ما يعتبره حملة مكافحة الإرهاب. هذا الهجوم، الذي حدث بالتزامن مع محادثات السلام المدعومة من الأمم المتحدّة في المغرب، والذي أدين بحزم من قبل الأمم المتحدة باعتباره انتهاكاً لاتفاقيّة وقف إطلاق النار، أكدّ دور حفتر المفسد والمدمّر. تبقى محادثات الامم المتحدة أفضل أمل لإنهاء النزاع في البلاد، فهي، وباستثناء الجهاديين المتوحشين، تستند على إشراك كافة الأطياف السياسيّة في ليبيا ومن ضمنها الإسلاميين والمتشددين؛ كما تسعى لإنشاء حكومة وحدة وطنية قادرة على استعادة الاستقرار.

إن السماح بتوريد المزيد من الأسلحة في هذا النزاع لن يساعد على وضع حد له. لن تستطيع الأمم المتحدة السيطرة على أين أو ضد من ستستخدم هذه الأسلحة التي ستسمح بإدخالها وحسب، بل ستفشل أيضاً في تحديد الجهة التي ستسيطر علي الأسلحة في نهاية المطاف. كما أنّ هناك أدلة تشير إلى أن الأسلحة التي قُدّمت في السابق (بشكل غير قانوني) للجيش الوطني الليبي من قبل مموليه في الخارج قد انتهت في السوق السوداء، حيث بإمكان أي جهة شراءها بما في ذلك الجهاديين.

صحيح أن حظر السلاح المفروض حالياً لم يوقف من تدفقه، فقد عثرت لجنة من خبراء الأمم المتحدة على كميّات كبيرة من الأسلحة كان قد تم إيصالها إلى ليبيا من المنطقة وخارجها. وهنالك مزاعم أنّ شحنات نوعيّة من الأسلحة قد أُرسلت من مصر والإمارات العربية المتحدة لمعسكر طبرق خلال العام الماضي، وأخرى من قطر والسودان وتركيا لمعسكر طرابلس. على الرغم من ذلك، يبقى حظر السلاح مهمّاً. من المرجّح أن يقلل الحظر من تدفق الأسلحة من خلال جعل توريد بعض أنواع الأسلحة الثقيلة أكثر صعوبة، ولكن الأهم من ذلك أنّ إبقاء حظر السلاح سيظهر أنّ المجتمع الدولي يدعم السلام عن طريق التفاوض ولا يدعم طرفاً واحداً في النزاع.

حدوث تحوّل في موقف مجلس الأمن سيشجع من انتشار الأسلحة في ليبيا وخارجها، وسيساعد تقدّم تنظيم الدولة الاسلاميّة والجماعات المتطرفة الأخرى التي تتغذى على الفوضى والعنف، وبالتالي، سيؤجّج نيران النزاع التي تحاول الأمم المتحدة إخمادها. عندما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، يجب على هذه الهيئة واسعة التمثيل أن تقوم بردّ منسّق وجديّ، وبدعم كامل من المجتمع الدولي، ضد أي جهة لا تُظهر رغبة في التوصل الى السلام، بما في ذلك تنظيم الدولة وأمثاله. حتى ذلك الحين، على أعضاء مجلس الأمن إبقاء حظر الأسلحة على ما هو عليه الآن، وبذل كل الجهود الممكنة لمنع توريد الأسلحة إلى أي من الطرفين، ودعم التوصل إلى حل سياسي للصراع.

Contributors

Profile Image
Profile Image

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.