تركيا في الصومال: هل هي مخاطرة بتدخل آخر مآله الفشل؟
تركيا في الصومال: هل هي مخاطرة بتدخل آخر مآله الفشل؟
Op-Ed / Europe & Central Asia 2 minutes

تركيا في الصومال: هل هي مخاطرة بتدخل آخر مآله الفشل؟

مع دخول الصومال مرحلة جديدة غير واضحة المعالم بعد مرحلة انتقالية، ينبغي أن تكون مشاركة تركيا في شأن هذه الدولة التي لحق بها الدمار جراء الحرب مدروسة ومنسقة بحذر، بحيث لا تفضي إلى تدخل دولي آخر فاشل.

من المرجح أن تواجه أنقرة عقبات ستؤثر بدورها على المناخ السياسي والأمني المعقد للدولة.

تعتبر تركيا أحدث دولة تتدخل في الصومال، وقد أثمر تدخلها بعض النتائج الإيجابية.

لقد أعطت زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الجريئة لمقديشو في أغسطس (آب) 2011 في ذروة المجاعة وقراره بفتح سفارة حافزا جديدا للجهود الرامية إلى إرساء سلام دائم.

وقد أدى عرفان الصومال الكبير بالمساعي الإنسانية التركية ومكانة الدولة كدولة إسلامية ديمقراطية إلى ترسيخ مكانة تركيا بوصفها شريكا محل ترحيب.

يعتبر وجود تركيا على الساحة محدودا نسبيا، لكن بسبب مساهمتها في إغاثة الصوماليين من المجاعة في الوقت المناسب والقوة الظاهرة لالتزامها، إضافة إلى امتنان الصوماليين، ينظر إلى مساهمتها بوصفها عظيمة.

وإضافة إلى سفارتها، فإن هناك نحو اثنتي عشرة منظمة حكومية وغير حكومية تواجدها محدود على الأرض تعمل في مقديشو. غير أن حلم الصوماليين بتعاف سريع وشامل أثمر توقعات كبيرة في المناطق التي لا تتلقى دعماً تركياً، ويرجع ذلك على وجه التحديد إلى أنشطتها الواضحة بشكل كبير في مقديشو، إلا أنه إلى جانب الدعم الدبلوماسي والسياسي الهائل، فإن وسائلها متواضعة ودعمها المادي للصومال ربما يظل محدودا.

وفي حالة ما إذا لم يتم خفض سقف التوقعات الكبيرة للشعب الصومالي وإذا عجزت أنقرة عن توسيع نطاق دعمها الخاص بالإغاثة والتطوير للمناطق السلمية خارج مقديشو، فربما تتوتر الشراكة التركية الصومالية أو تتحول بشكل سريع إلى علاقة يحدق بها الاستياء والسخط.

لقد أظهرت أنقرة أن تدخلها في الشأن الصومالي سوف يمتد لفترة طويلة. ورغم ذلك، فإنها يجب أن تقطع طريقها بحصافة وأن تتجنب الأحادية وتتعلم دروسا من أجل تجنب تدخل دولي فاشل آخر.

على مدار عشرين عاما، حاولت الكثير من الدول والكيانات إنقاذ الشعب الصومالي وتحقيق السلام داخل الصومال، تاركة في الأغلب وضعا أكثر فوضوية من ذلك الذي وجدته. إن أنقرة يجب أن تفهم أنه لا يسعها وحدها حل المشكلات الكثيرة التي تواجهها الدولة، غير أنه يتعين عليها ضمان دعم وتعاون كل من الشعب الصومالي والمجتمع الدولي، علاوة على ذلك، فإن محاولتها النهوض بتلك الجهود وحدها ربما لا تؤدي إلى النتيجة المأمولة وقد تعوق الجهود المستمرة وتؤدي إلى فقدانها السمعة الطيبة التي قد اكتسبتها.

إن الانتقاد الصومالي الصريح للمؤتمرين (المجتمع المدني والحكومة) اللذين عقدا في إسطنبول في الفترة من أواخر مايو (أيار) إلى مطلع يونيو (حزيران) 2012 يجب أن يعمل كتذكرة هامة بالتقلب وبأوجه الخلاف الكثيرة في السياسات الصومالية.

لقد عدل اللاعبون السياسيون الرئيسيون في الصومال عن آرائهم بشأن المفاهيم السياسية الواضحة التي تشاركوها مع أنقرة (مثل الرحلة التقليدية المخطط لها للقوى العالمية الكبرى للمشاركة في مؤتمر المجتمع المدني) ووجهوا انتقادات علنية، وواجهوا مضيفهم بشأن قضايا تبدو في ظاهرها حميدة.

لقد تغلبت تركيا على هذه العواقب غير المتوقعة بسبب الرؤى الدبلوماسية التي اكتسبتها من وجودها على الأرض والدعم الذي لقيته من الشركاء الدوليين، وعليها أن توظف تجربتها الجديدة في تشكيل إجماع وتحسين التنسيق الخارجي إذا ما أرادت أن يكون تدخلها فعالا.

من الضروري أن تبقى تركيا موضوعية فيما يتعلق بالسياسات الصومالية، وأن تتجنب التلاعب من جانب الساسة الصوماليين ممن لديهم خبرة طويلة في خداع الوافدين الجدد الأجانب، فضلا عن ذلك، يجب توسيع نطاق الدعم المستهدف بحيث يشمل المناطق السلمية خارج مقديشو.

تواجه تركيا توقعات صومالية كبيرة سوف تؤدي إلى حالة من خيبة الأمل والإحباط إذا لم تتم إدارتها بشكل جيد. يجب ألا تكون أنقرة واقعة تحت تأثير أي وهم يدفعها للاعتقاد بأنها يمكن أن تعمل بشكل أحادي الجانب في الصومال؛ إذ يجب أن تركز على تشكيل إجماع وتحسين التنسيق الخارجي، إذا ما أرادت أن يكون تدخلها فعالا في تحقيق استقرار الدولة وإرساء السلام الدائم.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.