طالبان تكسب معركة الدعاية
طالبان تكسب معركة الدعاية
Toward a Self-sufficient Afghanistan
Toward a Self-sufficient Afghanistan
Op-Ed / Asia 3 minutes

طالبان تكسب معركة الدعاية

أعلن الموقع الالكتروني لمركز بغرام الإعلامي إنّ ميليشيويين قتلوا في قذيفة موجّهة في نانغرهار. وعلى نقيضٍ من إدعاء القوّات العسكريّة الأمريكيّة، ردّ موقع طالبان 'الإمارة'، مفيداً عن تعرّض حفل زفاف للقصف مما أودى بحياة العروس وبالعديد غيرها. وكان صحفيّون ووفد حكومي قاموا بزيارةٍ إلى الموقع، قد ساندوا الإدعاء الأخير مفيدين عن مقتل مجموعةٍ كبيرةٍ من النساء والأطفال. ولا شكّ أنّ سرعة قوّات طالبان في الردّ على هذا الحدث تعكس مدى تطوّر شبكتها الإعلاميّة. وليست هذه بالعمليّة صغيرة الحجم، لا سيّما وأنّ مواضيع الموقع الالكتروني يتم تحديثها مرّاتٍ عدّة في اليوم بلغاتٍ خمس. ولعلّ في اللغة الإنكليزيّة ما يثير الضحك في بعض الأحيان نظراً للأخطاء مثل استخدام كلمة فرع (gourds) بدلاً من حرس (guards)، أو الحكومة العزيزة (poet) بدلاً من الدمية (puet) والرباعيّ الفضائي (spatial fours) بدلاً من القوّات الخاصة (special forces)؛ ولكن مهما عظمت الأخطاء، فالموقع يفي بالغرض. ويهزأ الموقع من الحكومة الأفغانية وضعفها، ويسلّط الضوء على كلّ هفوةٍ أجنبيّةٍ ضارباً بذلك على وتر القوميّة في أفغانستان ومثيراً الأسئلة بشأن دور القوّات الأجنبيّة في غير عواصمها.

أمّا المواطنون المقيمون، فنصيبهم المجلاّت (باللغتين العربيّة والباشتو)؛ والأقراص المدمجة التي تحتوي على صور من فظائع عمليّة قتل الروس وهجمات قوّات طالبان ناهيك عن شرائط مسجلّة تحتوي أغاني قوميّة وهي أيضاً متوفّرة كموسيقى رنّانة للهواتف. ويبدو أنّ الجزء الأكبر من الإنتاج الإعلامي يتمّ في باكستان والغاية منه إعادة الحياة إلى الشعور الوطني بحبّ الوطن وتأجيج نار الشكاوى المشروعة الصامتة في معظم الأحيان في أفغانستان. هذا وباستطاعة الصحفيين أن يتصلوا بمتحدثين باسم طالبان التماساً لاقتباس محموم في أي ساعة من النهار كما الليل وهذا على نقيضٍ من يتوفّر من نظرائهم الدوليين وفي الحكومة. وباختصار تقود طالبان وبنجاح نسبي جدول أعمال الأخبار مكتسبة بذلك سمعة أكثر قوّةً ووجوداً مما هي عليه فعلاً. وغالباً ما لا يتم التبليغ عن الفظائع التي ترتكبها طالبان في المواقع التي أخرجتها من سياق التدقيق المستقل. أمّا الطرق التي تتبعها في التحكم بالأخبار فتتفوّق على ما يتوفّر لمكاتبنا الإعلاميّة النموذجيّة: فتكمم أفواه القادة المحليّين والصحفيّين الذين قد يتجرأون على الكلام ويُقابلون بالتهديد والوعيد أو بأسوأ منه.

وفي حين تستخدم طالبان الإعلام لتسليط الضوء على الضحايا من المدنيين الذين توقعهم القوّات الأجنبيّة، فهي لا تتوانى عن شنّ عمليّات في الأحياء المدنيّة وتتعمّد استهداف من يقف في وجهها من المدنيين أو من موظفي الحكومة أياً كانت صفتهم؛ لا بل تقيم الحواجز على الطريق تقصيّاً لوجود أي مسافر قد يكون على علاقة عمل بالأجانب.
وكان صحفي عامل في مقاطعة عاصية، التقيته مؤخراً، قد انتقل للعيش في العاصمة نتيجة الضغوط المستمرّة. افاد أنّه من بين الحوادث التي وقعت، تعرّض تلاميذ كان له معهم مقابلة في افتتاح مدرسة حكوميّة جديدة للقتل بُعيد مشاركتهم في الحدث.

وتقع الاتصالات ومحاولات قولبة المقاربات في قلب عمليّات طالبان. وتعي قوّات طالبان بأنّها لن تفوز أبداً في اشتباكات وجهاً لوجه مع القوّات الدوليّة لا بل تعي أيضاً بأنّ هذا ليس لزاماً عليها. فأعمال العصيان هي في القلب منها معركة إرادة لا قوّة عسكريّة. ولقد تصدّرت عناوين الصحف حول العالم عمليّات العصيان الخارجة عن المألوف التي وقعت عام 2008 مثل عمليّة الفرار من سجن قندهار والاعتداء على فندق الخمس نجوم الوحيد في كابول والغاية منها تقويض التوافق الدولي بشأن ضرورة تحقيق الهدف أيّاً كانت العقبات. ويجري في شوارع أفغانستان الحديث عن 'أسوأ هزيمة عسكريّة' ترافقه صور الجنود المحليين يهربون من الاعتداء الذي شنّه ثلاثة رجال في شهر نيسان (أبريل) على استعراض عسكري حضره قرضاي إلى جانب قيادات أجنبيّة ومحليّة.

يجب على القوّات الدوليّة لا بل على الإدارة الأفغانيّة في مواجهتها طالبان أن تكون أكثر سرعةً في الردّ واستباقيّةً في نشر أخبارها. ولا بدّ من قطع الطريق أمام مزاعم طالبان ومطالبتها بالشرعيّة عبر تسليط المجهر على ما ترتكبه من فظاعات. أمّا اللازمة المرافقة فهي تعزيز شرعيّة الحكومة لا سيّما من خلال دعم المؤسسات الأفغانيّة وقوى الأمن. وتؤدي القوّات الدوليّة دوراً أساسيّاً في خلق مظلّةٍ أمنيّة تغلّف مثل هذه التطوّرات. ولكنّ التشديد الحالي على زيادة عديدها يفقد أي معنى في ظلّ غياب خطّة إستراتيجيّة يُشكّل فيها بناء القدرة المحليّة أولويّةً. ولا يزال معظم الشعب الأفغاني يخشى الأسوأ في ما لو غادرت القوّات الأجنبيّة. فلا شكّ أنّ المؤسسات الأفغانيّة المطوّرة إذا ما تولّت القيادة قد تُساهم في إبطال حملة طالبان القاسية المستقرّة على كره الأجانب.

ولا زالت الحكومة الأفغانيّة تحتاج إلى أنّ تُثبت بأنّ هذه الدولة تستحق العناء فتُحكم القبضة على ثقافة اللاعقاب الشائعة حالياً في حالات الفساد والانتهاكات التي قد يرتكبها أفراد من الإدارة. ويتعيّن على الأسرة الدوليّة أن تُعزز المساءلة في تدابيرها. وحيث أمست غوانتانامو جزءاً من ثقافة أفغانستان الشعبيّة، فباتت لازمةً تُكررها الأشعار والأغاني قاطعةً بذلك الطريق أمام المطالبات بحكم القانون، يجب أن تتوقف الاعتقالات الاعتباطيّة. كما لا بدّ من توخّي مزيدٍ من الشفافية والمساءلة في الحالات التي يقع فيها قتلى من المدنيين.

وقد تكون الدعاية ذات قوّة، ولكن يُمكن أن تُجابه بتعزيز شبكة بالاتصالات وأخيراً بالأفعال على الأرض.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.