سلام السودان لا يكتمل بلا تسوية لأزمة دار فور
سلام السودان لا يكتمل بلا تسوية لأزمة دار فور
What’s Left of Sudan After a Year At War?
What’s Left of Sudan After a Year At War?
Op-Ed / Africa 3 minutes

سلام السودان لا يكتمل بلا تسوية لأزمة دار فور

مر عامان منذ اندلاع الأزمة في دارفور، وما فتئت الحالة الإنسانية والأمنية والسياسية تتدهور. ولا يزال الناس يموتون بأعداد كبيرة من سوء التغذية والأمراض وهناك تخوف من نشوء مجاعة جديدة. والمجتمع الدولي عاجز عن حماية المدنيين بنفسه أو عن التأثير على الحكومة السودانية لكي تفعل ذلك

ومن الواضح أنّ على مجلس الأمن الدولي تجاوز انقساماته الداخلية إزاء دارفور واتخاذ إجراء فوري لوقف الفظائع والوفيات المتصاعدة في الإقليم. ويقوم المجلس حاليا بالتفاوض على مشروع قرار يمكن أن يبدأ في إيجاد حل للأزمة إذا نص بقوة كافية على حماية المدنيين ومساءلة مرتكبي جرائم الفظائع. وقد عجزت ثلاثة قرارات اتخذها مجلس الأمن عن وضع حد للعنف; ويجب أن يكون هذا القرار الرابع، الذي يجري النقاش بشأنه الآن، قويا بما فيه الكفاية لإحداث التغيير اللازم . ولكن إذا كانت للانقسامات داخل المجلس والتهديدات باستخدام حق النقض (الفيتو) قد تؤدي مرة أخرى إلى إضعاف الناتج النهائي لتلك المفاوضات فالحالة في دارفور ستزداد سوءا

ومن المرجح أن الآثار الضارة لصراع دارفور لن تلبث وتلحق الضرر باتفاق السلام الذي وُقع في 9 يناير (كانون الثاني) 2005 ليضع حدا للحرب بين الحكومة السّودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان(الحركة الشعبية لتحرير السودان). والسبب في قيام الخرطوم بإبرام السلام مع الحركة الشعبية يرجع جزئيا إلى الرغبة في تفادي الضغط المتصاعد إزاء الوضع في دارفور. ويبدو أن هذه المناورة قد نجحت حتى الآن. فالمجتمع الدولي منقسم بشدة ـ بل وقد يكون في حالة من الشلل ـ إزاء الخطوة التالية التي يتعين اتخاذها في دارفور. والحالة في الإقليم تنذر بعدد من الاتجاهات السلبية التي ما فتئت تتزايد منذ الربع الأخير من عام 2004

بيد أن السبيل الرئيسي إلى تثبيت استقرار الحالة الأمنية يتمثل في بدء الحكومة في الوفاء بالتزاماتها العديدة بنـزع سلاح مليشيات الجنجويد وإنهاء نشاطها. وسجل وقائع السنة الماضية على الأقل يظهر أنها لن تفعل ذلك ما دامت تعتقد بأن عدم اتخاذ إجراء لن يكلفها الكثير. فالحكومة السودان قد أخلت بالتزاماتها بموجب القرار 1556 المؤرخ 30 يوليو (تموز) 2004 والقرار 1664 المؤرخ 18 سبتمبر (أيلول)2004

تغيير هذه المعادلة يتطلب القيام فورا بفرض تدابير عقابية عديدة أبرزها فرض حظر واسع النطاق على الأسلحة، وتقديم مرتكبي الفظائع الموجودين على اللائحة التي وثقتها لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، وهي الوحيدة التي يمكنها القيام بذلك بسرعة. والاعتراضات العامة التي تثيرها حكومة الولايات المتحدة على تلك المؤسسة ينبغي ألا تمثل عقبة، وذلك لأسباب أقلها أن المحكمة في هذه الحالة ستمارس ولايتها القانونية بالطريقة التي ما فتئت واشنطن تقول إنها هي الطريقة الملائمة، وهي عن طريق قرار سياسي صادر عن مجلس الأمن

وعلى المجلس اتخاذ قرار بزيادة حجم قوة الاتحاد الأفريقي غير الكافية في دارفور (التي يقل عدد أفرادها في الإقليم عن 2000 فرد ) لتصل إلى 000 10 فرد على الأقل، وتعزيز ولايتها لتنص على حماية المدنيين

ان على الحكومة السودانيّة اتخاذ خطوات فورية من بينها توقيف جميع أشكال الدعم لمليشيات الجنجويد والبدء في نزع سلاحها، بما يشمل أعضاءها المنضمين إلى قوات الدفاع الشعبي، وقوات حرس الحدود، والشرطة الشعبية، والشرطة الظاعنة. وعليها وقف الجهود الرامية إلى استخدام القسر في إعادة الأشخاص المشردين داخل دارفور ونقلهم إلى مناطق أخرى

ويتوجّب علىالجبهتين الرّئيسيتين في دارفور (حركة تحرير السودان ـ جيش تحرير السودان، وحركة العدل والمساواة) الامتناع فورا عن جميع الأنشطة العسكرية الهجومية، على النحو المنصوص عليه في اتفاق انجمينا لوقف إطلاق النار وفي اتفاقات أبوجا. وعليهما حل الخلافات داخل الحركتين وفيما بين القادة، واستعادة القيادة والسيطرة على التشكيلات والاتفاق على مفهوم سياسي لتسوية الصراع . عليهما أيضا البدء في إنشاء المؤسسات ومحاسبة المسؤولين عن النهب والاختطاف فضلا عمن يقومون بمهاجمة أفراد العمل الإنساني أو يعيقون وصول المساعدات الإنسانية أو يغلقون مسارات الرعي التقليدية

كما على الحركة الشعبية لتحرير السودان التشجيع على إيجاد حل تفاوضي للصراع عن طريق العمل مع الحكومة لتغيير الاستراتيجية في دارفور وإقناع المتمردين بالفوائد والنماذج القابلة للتطبيق في دارفور في إطار اتفاق السلام الشامل الموقع مع الحكومة في 9 يناير الماضي

ويتعين على المجتمع الدولي أيضا بما في ذلك الدول العربية أن يتحرك سريعا لتنشيط عملية السلام التي يقودها الاتحاد الأفريقي. فتلك العملية قد تكون بصدد فقد وسيطها الرئيسي، وهي تفتقر إلى الالتزام الجاد من الأطراف المتحاربة وإلى الشراكة رفيعة المستوى بين الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي الأوسع التي من شأنها توفير ضغط حقيقي

وأخيرا، لا ينبغي السماح لتنفيذ اتفاق السلام الشامل أن يصبح ذريعة لعدم الضغط من أجل التوصل إلى تسوية في دارفور. وعلى العكس من ذلك، فالفشل في تسوية أزمة دارفور من المرجح جدا أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تقويض اتفاق السلام الشامل

وسيكون من الخطأ الفادح عدم ممارسة ضغط حقيقي على الخرطوم الآن

مدير برنامج أفريقيا في «إنترناشونال كرايسز غروب » سليمان بلدو

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.