السياسية في لبنان: الطائفة السنية وتيار المستقبل بزعامة الحريري
السياسية في لبنان: الطائفة السنية وتيار المستقبل بزعامة الحريري
Table of Contents
  1. الملخص التنفيذي
Deterrence between Israel and Hizbollah Must Hold
Deterrence between Israel and Hizbollah Must Hold
Report / Middle East & North Africa 4 minutes

السياسية في لبنان: الطائفة السنية وتيار المستقبل بزعامة الحريري

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

الملخص التنفيذي

يمثل استلام سعد الحريري، رئيس تيار المستقبل السني، مهام منصبه كرئيس للوزراء في حزيران/يونيو 2010، نقطة تحوّل. يعتبر هذا التاريخ نهاية لمرحلة من الاضطرابات السياسية غير العادية والتوترات الدولية التي بدأت مع اغتيال والده، رفيق الحريري؛ والتي أفضت إلى شلل مؤسساتي وبلغت أوجها في المواجهة العنيفة التي نشبت بين الموالاة والمعارضة في أيار/مايو 2008. إذاً، يطرح هذا الحدث على رئيس الحكومة الجديد جملة من التحديات المستجدة.  لا بد للرجل الذي وصل إلى زعامة الطائفة السنية، والتي عانت في مرحلة سابقة انقسامات عميقة، من أن يتخلى عن الكثير من العوامل التي مكنته من الوصول إلى السلطة إذا أراد أن ينجح في مهمته هذه.  عليه أن يبتعد مع حزب الله، الحركة الشيعية الرئيسية، عن الطائفية التي باتت العملة الرائجة في لبنان. على تيار المستقبل أن يصبح حزباً حقيقياً ومؤسساتياً بدرجة أكبر وأن يتحول عن الزبائنية التي استفاد منها بلا شك، لكن التي يمكن أن تعوق تحوّل رئيس الوزراء من زعيم طائفة إلى رجل دولة.  كما ينبغي على الحريري أن يستمر في سلوك الدرب الصعب المتمثل في تطبيع العلاقات مع سورية، وأن يتغلب على انعدام الثقة بين قاعدته الشعبية في لبنان من جهة ودمشق من جهة أخرى.

عندما اغتيل والده، ورث سعد الحريري مهمة شبه مستحيلة؛ فقد كان الأب شخصية بالغة القوة والتأثير: كان في الوقت نفسه رجل أعمال ناجحاً، دبلوماسياً، سياسياً ورجل دولة. مع خروج لبنان قبل سنوات من الحرب الأهلية الدموية، كافح الحريري ليكون منقذ بلاده.  لم يكن بالطبع منزّهاً عن الأخطاء ولم يعدم المنتقدين.  كان ثمة العديد من الذين ينتقدون بشدة نزعته إلى خلط مصالحه الخاصة بالشؤون العامة.  غير أن قلائل فقط كانوا يشككون في خصاله القيادية، وقدرته على الترفع – في معظم الأحيان – عن السياسات الطائفية، وانخراطه بنجاح في علاقات دولية متناقضة.

في مماته، كما في حياته، كان رفيق الحريري شخصية تجاوزت أبعادها ونفوذها حدود لبنان. سورية، التي اعتُبرت على نطاق واسع مسؤولة عن الجريمة، واجهت ضغوطاً دولية مكثفة.  وأجبرتها المظاهرات غير المسبوقة على سحب قواتها بعد ما يقارب ثلاثين عاماً من وجودها في لبنان. لقد أثار موته المخاوف العميقة والكامنة للطائفة السنية، مثلما أثار الغضب من السيطرة السورية ثقيلة الوطأة وعدم الارتياح الناجم عن الإحساس بالهشاشة والضعف.  وتمخضت تلك المشاعر عن تضامن غريزي طاغٍ بين السنة الذين احتشدوا حول ابن رفيق الحريري، الأمر الذي أفضى إلى تحولات في التحالفات الإقليمية والدولية. لقد تحالفت الطائفة مع أعدائها التاريخيين المتمثلين في الأحزاب المسيحية المناهضة لسورية، وتحولت ضد حليفها التقليدي، دمشق؛ إذ رأت في صراعها معها الآن صراعاً بين رؤيتين متضاربتين للبلاد.  وللمرة الأولى في تاريخها، اتجهت هذه الطائفة إلى الغرب الذي رأت فيه شريكاً في معركة حياة أو موت ضد سورية وحزب الله وإيران.

كان التحول الأكثر بروزاً في المواقف السنية منذ عام 2005 هو تفاقم المشاعر المذهبية والعدائية المتزايدة حيال الشيعة. هكذا طفت توترات الماضي التي ظلت- في معظم الأحيان- كامنة تحت السطح.  وحتى عندما كان يُعبَّر عن هذه العدائية، كان يتم احتواؤها بسرعة.  كان ثمة عدد من نقاط التحول تمثلت في اغتيال الحريري؛ وما تلاه من إظهار تعاطف حزب الله وحركة أمل مع سورية؛ وحرب عام 2006 مع إسرائيل التي حمّل العديد من السنة مسؤوليتها لحزب الله والتي أبرزت القوة العسكرية المثيرة للقلق التي يتمتع بها الحزب الشيعي؛ وأخيراً سيطرة حزب الله السريعة على العاصمة في أيار/مايو 2008 والذي شعر السنة أنه كان بمثابة هزيمة مذلة.

تمثلت الحصيلة الإجمالية لهذه التطورات في تعزيز هيمنة تيار المستقبل على الطائفة السنية، من جهة، وسيطرة الحريري على تيار المستقبل من جهة أخرى.  صُعِقَ السنة من قرار حزب الله توجيه سلاحه إلى الداخل، فاتحدوا جميعاً خلف تيار المستقبل.  وبات يُنظر إلى أي انشقاق على أنه يرقى إلى الخيانة. في حزيران/يونيو 2009، ونظراً للإقبال السني الكبير على الانتخابات، فاز التيار في الانتخابات النيابية. فوز بدا انعكاساً للتضامن المذهبي، معلناً سعد الحريري زعيماً سنياً أوحد.

غير أن الانتصار الواضح لتيار المستقبل أسهم أيضاً في إحداث تغيرات محلية وإقليمية مهمة. لقد أزال قبول سورية بنتائج الانتخابات واختيار الحريري رئيساً للوزراء العقبات من طريق المصالحة السعودية – السورية التي كانت بدأت في وقت سابق من السنة.  شجعت الرياض تطبيع العلاقات بين سورية ولبنان، خصوصاً عبر ضغطها على الحريري لزيارة دمشق، وهي الزيارة المثقلة بالاعتبارات العاطفية والسياسية. حالما جرى انتخاب سعد الحريري، سارع إلى مد يده إلى المعارضة، التي ردت على مبادرته بالمثل. مبادرة أتاحت له قيادة حكومة وحدة وطنية تبدو قدرتها على العمل مرهونة بالإجماع.

والآن، لكي يتمكن الحريري من الحكم بشكل ناجح، عليه أن يدفع هذا التطور خطوة أخرى إلى الأمام.  لا يزال هناك المزيد مما ينبغي فعله من أجل عكس النمو في المشاعر الطائفية وتعميق عملية تطبيع العلاقات السورية اللبنانية. سيكون على الحريري أن يتخلى عن موقعه بحكم الأمر الواقع كزعيم سني ويوزع سلطاته على التيار الذي ينبغي أن يصبح أكثر مؤسساتية، أي تحويله إلى حزب يقوم على آليات صنع قرار واضحة وخاضعة للمساءلة، وإطار سياسي واضح وكوادر احترافية، وأيضاً على هيئات دينية بحاجة إلى مزيد من الإصلاح وتعزيز قدرتها على إدارة شؤون الطائفة ومنع انحدارها نحو التطرف. وفي الإطار عينه، سيترتب على الحريري أن يبتعد تدريجياً عن السياسة الطائفية والزبائنية التي اتبعها التيار بشكل كبير خلال السنوات الخمس الماضية. لا شك في أن إحدى تبعات هذه العملية سيتمثل في ظهور قدر أكبر من المنافسة من خصومه السنة وفقدان هيمنته الكلية، غير أنه – وعلى افتراض تراجع التوترات الطائفية – فإن هذه التبعات أمر محتوم.  إذا كانت الغاية هي تحقيق الاستقرار في لبنان وتعزيز إنمائه والحؤول دون عودته إلى الاقتتال الطائفي، فإن هذا ثمن سيتحتم على الحريري دفعه.  كما ستكون هذه أفضل طريقة يتّبعها للمحافظة على العناصر الأكثر تميزاً في الإرث الذي تركه والده.

بيروت، بروكسل، 26 أيار/مايو 2010

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.