مستقبل العراق غير الأكيد: الانتخابات وما بعدها
مستقبل العراق غير الأكيد: الانتخابات وما بعدها
Table of Contents
  1. ملخص تنفيذي
After Iraq: How the U.S. Failed to Fully Learn the Lessons of a Disastrous Intervention
After Iraq: How the U.S. Failed to Fully Learn the Lessons of a Disastrous Intervention
Report / Middle East & North Africa 4 minutes

مستقبل العراق غير الأكيد: الانتخابات وما بعدها

لقد تميزت الانتخابات التي أجريت في العراق في حقبة ما بعد صدام، كقاعدة، بتضخيم النزعات والاتجاهات السلبية التي كانت قائمة من قبل.

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ملخص تنفيذي

لقد تميزت الانتخابات التي أجريت في العراق في حقبة ما بعد صدام، كقاعدة، بتضخيم النزعات والاتجاهات السلبية التي كانت قائمة من قبل. ولا تشكل الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في السابع من آذار/مارس استثناء لهذه القاعدة. لا شك أن التركيز على السياسات الانتخابية أمر جيد، غير أن الاستعدادات الجارية لهذه الانتخابات أبرزت مشكلات متجذرة تهدد الانتعاش الهش للبلاد من حيث عودة العنف المرتبط بالانتخابات، والتوترات العرقية حول كركوك، وعودة بزوغ الطائفية، والتلاعب السياسي الصارخ بمؤسسات الدولة. وكان التطور الفاضح هو استبعاد 500 مرشح من الانتخابات، والذي يشكل خطوة خطيرة واعتباطية لم تتم طبقاً للقواعد والأنظمة، ورغم ذلك أقرتها الأحزاب الشيعية الحاكمة. في ظروف طبيعية، كان يمكن لهذه الخطوة بمفردها أن تنزع الشرعية عن الانتخابات. غير أن هذه ليست ظروفاً طبيعية؛ ومن أجل استقرار العراق، ينبغي للانتخابات أن تتم. في الحد الأدنى، ينبغي على المجتمع الدولي أن يكثف مراقبته للانتخابات ويحدد خطوط حمراء واضحة ينبغي احترامها إذا أريد لنتائج الانتخابات أن تعتبر شرعية. كما ينبغي عليه أن يضغط على الحكومة الجديدة كي تعالج على نحو جدي قضية المصالحة الوطنية، التي أُُهملت لوقت طويل لكنها تظل هامة الآن أكثر من أي وقت مضى.

طوال العام الماضي، بدا أن ثمة مبررات للاعتقاد بأن جراح ما بعد الحرب بدأت تلتئم وأن التحدي الرئيسي بات بناء الدولة. رغم موجة من الهجمات الكبيرة التي جرت في بغداد والهجمات الأقل شأناً في مواقع أخرى، فإن العنف خفت حدته. واحتلت السياسة مكان الصدارة. ومثّّلت انتخابات مجالس المحافظات في كانون الثاني/يناير 2009 انتكاسة للأحزاب الطائفية وأحدثت تغييراً في الإدارات المحلية. وقد يكون الأمر الأكثر أهمية هو أن تلك الانتخابات أكدت قبول العرب السنة بشكل لا مواربة فيه بدخول المعترك السياسي والمؤسساتي الذي كانوا قد رفضوه بشكل جماعي وقاوموه بعنف.

غير أن الصراعات التي كانت تعتمل تحت السطح ما لبثت أن بدأت بالغليان؛ فقد استغرقت المفاوضات الدائرة حول قانون الانتخابات في النصف الثاني من العام وقتاً أطول بكثير مما كان متوقعاً، ما أدى إلى تأخير الانتخابات مدة خمسة أسابيع. كما كان من بين العوائق المشكلة المزمنة المتعلقة بالوضع الإداري لكركوك، إضافة إلى مخاوف العرب السنة بأن اللاجئين لن يكونوا ممثلين بشكل كامل. تم تخطي هذه العقبات أخيراً بمساعدة الضغوط والوساطة الخارجية، غير أن لا هذه المشاكل ولا خطوط التماس العرقية والطائفية التي تعكسها أضحت وشيكة الحل.

كان الإعلان الصادر عن هيئة المساءلة والعدالة في أواسط كانون الثاني/يناير باستبعاد 511 مرشحاً بسبب صلات مزعومة بحزب البعث المحظور هو الأكثر إثارة للقلق. تم تبني القرار بشكل أعمى من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؛ وسارعت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي إلى احتضانه ثم ضغطت على هيئة الاستئناف لإجراء مراجعة متسرعة وشكلية للقرار، فرفضت معظم الطعون. تسبب الحادث بفوضى عارمة وإلى طرح أسئلة تتعلق بالوضع القانوني لهيئة المساءلة والعدالة، ومصداقية الجهاز القضائي، وشرعية مفوضية الانتخابات والقدرة على إدارة الانتخابات بشكل عادل، وبالتالي نزاهة الانتخابات بشكل عام – على الأقل لأن مسؤولي المفوضية هم أنفسهم مرشحين في الانتخابات البرلمانية.  شكل ذلك صراعاً صارخاً على السلطة يصطبغ بصبغة طائفية من حيث أن العرب السنة كانوا أبرز ضحاياه، كما أنه نكأ جروحاً قديمة وأثار مخاوف حول المالكي، الذي كان قد فاز بانتخابات العام الماضي برفضه للخطاب الطائفي وتعهد بتشكيل تحالف انتخابي موسع غير طائفي.

لحسن الحظ، ليس هناك الكثير من الحديث عن المقاطعة، حيث لا زال شبح عام 2005 ينوء بثقله، عندما قاطع العرب السنة صناديق الاقتراع وبالتالي حرموا أنفسهم طوعاً من حقهم الانتخابي. لكن رغم ذلك، وفي غياب المراقبين الداخليين الحياديين، يتحمل المجتمع الدولي – خصوصاً الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة – مسؤولية أكبر في ضمان ألاّ تتعرض هذه الانتخابات، التي يشوبها الخلل، لمزيد من الضرر، وتحديد متطلباتها بوضوح كي تعتبر شرعية. ينبغي أن يكون بوسع المراقبين العراقيين والدوليين التحرك والانتشار بحرية إلى جميع المراكز الانتخابية ومراقبة عمليات التصويت وعدّ الأصوات. وينبغي أن يراقبوا على نحو خاص سلوك المؤسسات والهيئات التي سيكون دورها الحيادي حاسماً في ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وتتضمن هذه المؤسسات المحكمة العليا، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إضافة إلى الجيش والشرطة. ينبغي أن ينظر إلى التدخل الصارخ في الانتخابات أو التزوير واسع النطاق كخطوط حمراء تحتّم إجراء مراجعة لكيفية تعامل المجتمع الدولي مع الحكومة المستقبلية وأن يتم التعبير عن ذلك بوضوح.

لا يعالج هذا ما سيحدث بعد الانتخابات، على فرض تجاوز الانتخابات لهذه العتبة. عندها سيكون السؤال ما إذا كانت الحكومة القادمة مستعدة وقادرة على معالجة المشاكل السياسية الهائلة في البلاد، بداية بالطائفية وانتهاءاً بالمؤسسات المسيّسة ومروراً بالكثير غير هذا. كما أن العمل الجاد لتحقيق المصالحة الوطنية قد تأخر واستحق منذ أمد بعيد. هذه المرة، لن يكون كافياً تشكيل حكومة ائتلافية واعتبارها مثالاً ودليلاً على الوحدة الوطنية. ينبغي أن يتم إحراز تقدم ذي معنى نحو فتح الفضاء السياسي، وزيادة مشاركة سائر الطوائف وتحسين الشفافية والمساءلة.

ينبغي أن يكون إصلاح عملية اجتثاث البعث أولوية، على الأقل من حيث وضع معايير وإجراءات واضحة ينص عليها القانون؛ كما ينبغي وضع إطار زمني للعملية لا تتجاوز السنتين، يتم بعدها إغلاق جميع الملفات المتبقية وإنهاء الجهود المتصلة بها. وفي هذا المسعى، سيظل من المهم أن يظل المجتمع الدولي منخرطاً بفعالية وأن يعزز من قوة الدولة العراقية التي لا زالت ضعيفة وذلك بتزويد الشركاء العراقيين بالمساعدة الفنية، والمالية والدبلوماسية الكاملة ودعم عملية إعادة بناء الاقتصاد. قد تكون القوات الأميركية في طريقها للخروج من العراق، لكنه لا زال مبكراً جداً ترك العراق نهباً لتقلبات الصراعات الداخلية والمنافسات الإقليمية.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.