الائتلاف الحاكم في إسرائيل ينهار، محضّراً الأرضية لانتخابات جديدة
الائتلاف الحاكم في إسرائيل ينهار، محضّراً الأرضية لانتخابات جديدة
Israeli Minister of Foreign Affairs Yair Lapid (R) and outgoing Prime Minister Naftali Bennett, speak to each other at the Knesset (parliament), following the dissolution of the parliament, in Jerusalem on June 30, 2022. AFP / Menahem Kahana
Q&A / Middle East & North Africa 11 minutes

الائتلاف الحاكم في إسرائيل ينهار، محضّراً الأرضية لانتخابات جديدة

الحكومة الهجينة الهشة في إسرائيل استمرت عاماً وسبعة أيام قبل أن تتداعى. فيما يلي من أسئلة وأجوبة، تشرح الخبيرة لدى مجموعة الأزمات لور فاوشر والخبير لدى مشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط دانيال ليفي الأسباب التي تدعوهما للتكهن بأن ائتلافاً يمينياً أكثر تجانساً من المرجح أن يكون نتيجة الانتخابات القادمة.

تشكل هذه المطبوعة جزءاً من مبادرة مشتركة بين مجموعة الأزمات الدولية ومشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط للمساعدة في تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

ما الذي يحدث ولماذا؟

تتوجه إسرائيل إلى انتخابات عامة خامسة خلال ثلاث سنوات، بعد انهيار ائتلافها الحاكم. هذه الحكومة، التي استلمت مهامها في 13 حزيران/يونيو 2021، كانت هجيناً بين أقصى اليمين، والوسط واليسار الصهيوني، إضافة إلى حزب ذي توجهات إسلامية يمثل عناصر من الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل. توصل الشركاء في الائتلاف إلى اتفاق حول رئاسة وزراء بالتناوب بين زعيم حزب "يمينا" اليميني، نفتالي بينيت، وزعيم حزب "يش عتيد" الوسطي، يائير لبيد. تولت حكومتهما الحكم بعد عشر سنوات غير منقطعة من حكومات رأسها بينامين نتنياهو (تغيّر شركاء الائتلاف، لكن رئيس الوزراء ظل هو نفسه)، المعروف على نطاق شعبي بـ "بيبي"، وحزب الليكود الذي يقوده.

استمرت الحكومة سنة وسبعة أيام. في 20 حزيران/يونيو، تحرك رئيس الوزراء بينيت استباقياً لإنهاء حكمها قبل ثلاث سنوات ونصف من موعد انتهاء أمده، بعد أن تعرض لعدة انشقاقات وخسر سلسلة من عمليات التصويت بمنح الثقة في البرلمان، مع عدم وجود آفاق لاستعادة الأغلبية التشريعية. وانتهت العملية الرسمية بحل الكنيست عندما تم تمرير التشريع في 30 حزيران/يونيو، حيث حدد موعد إجراء الانتخابات الجديدة في 1 تشرين الثاني/نوفمبر.

تمثل الملاط الذي جمع هذا الائتلاف المتنوع بشكل غير مسبوق لمدة عام في مشاعر "أي أحد إلا بيبي" التي كانت قد تنامت على مدى السنوات التي قضاها نتنياهو في السلطة. وتشاطر شركاء الائتلاف التزاماً بفعل الأشياء بشكل يختلف عن طريقة نتنياهو، على الأقل من حيث الأسلوب السياسي. وقد تبنوا في الواقع مقاربة أقل استقطاباً، لكنهم لم ينتجوا برنامجاً فعلياً للأربع سنوات التي كان متوقعاً أن تقضيها الحكومة في السلطة.

المفارقة أن الائتلاف الذي قام على أساس تفادي تعكير الأجواء بشأن القضايا الفلسطينية، بالنظر إلى الخلافات الداخلية، تداعى ببطء حول الموضوع نفسه إلى أن بات معلقاً بخيط رفيع. كان الائتلاف يتمتع بأغلبية برلمانية ضئيلة جداً في الأساس (61 من أصل 120 مقعداً) مع انشقاق العضو إيديت سيلمان من فصيل يمينا بقيادة بينيت، إلى المعارضة التي يقودها نتنياهو في نيسان/أبريل، وجاء إعلان عضو آخر في يمينا، نير أورباخ، بأنه لن يصوت من الآن فصاعداً مع الحكومة ليشكّل نهاية الطريق. وكان عضوان آخران، غيداء ريناوي الزعبي من حزب ميريتس ومازن غنايم من القائمة العربية الموحدة، قد اعتمدا التصويت بشكل انتقائي ضد الائتلاف في الكنيست بشأن قضايا تتعلق بالشؤون الفلسطينية.

كانت القضايا التي حدثت وأحاطت بهذه الأزمات والانشقاقات بشأنها بشكل كامل وحصري على الجبهة الفلسطينية، ولا سيما التنازع حول مشروع قانون لتجديد الأنظمة الضامنة لتلقي المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة معاملة منفصلة وتفضيلية بموجب القانون الإسرائيلي على عكس السكان الفلسطينيين في المنطقة. رغم أن جميع الأحزاب الصهيونية في البرلمان دعمت مشروع القانون، لم يتمكن بينيت من جمع الأصوات داخل الائتلاف لتجديد الأنظمة. نتنياهو – ورغم دعمه القوي للحركة الاستيطانية، شعر بظهور فرصة لإحداث أزمة في الائتلاف، فطلب من شركائه في المعارضة التصويت ضد مشروع القانون، متحدياً الحكومة فعلياً أن تسمح بانتهاء مفعول الأنظمة. نجح الرهان بالنسبة لنتنياهو عندما أشار بينيت إلى أن الحاجة لحماية المستوطنين هي السبب الرئيسي لدعمه لحل الكنيست. أما الآن فستمدد الأنظمة تلقائياً إلى أن يصبح هناك برلمان وحكومة جديدين. قضايا أخرى أدت إلى الاستياء داخل الائتلاف تمثلت في تعديل قانون المواطَنة (الذي يميز ضد الفلسطينيين في الحصول على الجنسية الإسرائيلية) والتوترات المتعلقة بالوضع القائم في الحرم الشريف ومجمّع جبل الهيكل.

ما الذي سيحدث تالياً؟

في إسرائيل الآن حكومة تصريف أعمال، الأمر الذي أدى إلى إحداث التناوب على رئاسة الحكومة الذي تم الاتفاق عليه عند تشكيل الائتلاف. فقد استلم وزير الخارجية لبيد دور رئيس الوزراء المكلف بتسيير الأعمال بينما يستمر أيضاً في منصبه بوصفه الدبلوماسي الأول في البلاد. وسيستمر بهذه الصفة إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات. بينيت، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء البديل، سيضطلع بمسؤولية خاصة عن الملف الإيراني. كما أعلن بينيت أنه لن يترشح في الانتخابات القادمة، بل سيأخذ استراحة من السياسة.

فشلت محاولات اللحظة الأخيرة لتمرير تشريع يمنع نتنياهو من الترشح للانتخابات.

ومع بداية الحملة الانتخابية، بدأ السياسيون يتزاحمون على المناصب، ما يعني أن التحالفات بين الأحزاب ستتغير على الأرجح. وفشلت محاولات اللحظة الأخيرة لتمرير تشريع يمنع نتنياهو من الترشح للانتخابات (لأنه يحاكَم بتهم الفساد). ولذلك فإنه سيترشح لمنصب رئيس الوزراء بينما تستمر قضيته في المحكمة؛ ولن تنتهي الإجراءات القانونية قبل الانتخابات. ولا شك أنه سيكون هناك تحديات قانونية إذا نجح في تشكيل الحكومة القادمة. ويشكل احتمال إدانته دافعاً رئيسياً لنتنياهو كي يفوز في صندوق الاقتراع؛ إذ إنه سيكون في موقع أفضل بكثير لتسوية مشاكله القانونية إذا شغل مرة أخرى منصب رئيس الوزراء (إذ يمكنه أن يحاول تمرير تشريع يمنح نفسه الحصانة أو يعين أشخاصاً في السلطة يمكن أن يسقطوا التهم الموجهة ضده).

كيف كان أداء الحكومة الائتلافية المنتهية ولايتها؟

كثيرون من داعمي الائتلاف الهجين اعتبروا مجرد وجوده – وليس أي تشريع محدد أو مبادرة سياساتية – هو إنجازه البارز. كما نجح الائتلاف في إبقاء نتنياهو خارج السلطة، رغم أن عودته إلى قمة الهرم السياسي باتت الآن احتمالاً جدياً. في ذلك الصدد، عمل الائتلاف على اتخاذ خطوات وقائية، مثل تجنب القيود المفروضة على الإشراف القضائي ووقف تعيينات رئيسية في الهيئات القضائية والناظمة من أن تكون ضمن الصلاحيات الحصرية لنتنياهو (بالنظر إلى القضايا القانونية التي يواجهها) وحلفائه، الذين كان بعضهم قد دعا إلى قيادة بلدوزر عبر المحكمة العليا (بالنظر إلى التصورات، التي لا أساس لها على الأغلب، بأن إسرائيل تعاني من نشاط الجهاز القضائي ذو الميول الليبرالية).

مررت الحكومة أول موازنة منذ ثلاث سنوات. لكن في حين أن الاقتصاد يتعافى من الركود الذي فرضه كوفيد-19 على الناتج المحلي الإجمالي وفي مجال التوظيف على حد سواء، فإن تكاليف الحياة الإجمالية تستمر في ارتفاعها الحاد، وكذلك الأمر بالنسبة للأسعار التي ارتفعت بأكثر من 15% خلال العام الماضي – وهو رقم قياسي منذ عام 2010.

اللافت أن هذه الحكومة كانت الأولى في تاريخ إسرائيل التي تضم حزباً ينتمي إلى المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل – القائمة العربية الموحدة – التي حققت بعض المكاسب المحدودة لناخبيها. وقد كسرت مشاركتها ما كان يرقى إلى تابو، الأمر الذي يمكن أن يشكل سابقة قوية للحكومات الائتلافية المستقبلية. ستدور الانتخابات القادمة جزئياً حول قبول أو رفض هذه السابقة، حيث يهاجم نتنياهو الفكرة رغم غزله العلني مع القائمة العربية الموحدة عندما كان يبحث تشكيل ائتلافات في الماضي.

في المسائل المتعلقة بالفلسطينيين والأراضي المحتلة، فإن هذه الحكومة شكلت استمراراً.

في المسائل المتعلقة بالفلسطينيين والأراضي المحتلة، فإن هذه الحكومة شكلت استمراراً. فقد رسخت الاحتلال الإسرائيلي أكثر وفي بعض الأحيان اتخذت إجراءات جديدة واسعة النطاق ضد الفلسطينيين، لا سيما بتجريمها ست منظمات غير حكومية فلسطينية (في خطوة غير مسبوقة)، ما دفع إلى إصدار أنظمة جديدة من قبل منسق وزارة الدفاع الإسرائيلية للأنشطة الحكومية في المناطق بشكل يفرض تقييداً أكثر صرامة على الوصول إلى الضفة الغربية والإقامة فيها بالنسبة للزوار وأفراد الأسر، وإحداث تغيير أكبر في الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس. وخلال فترة وجود بينيت، صعّدت إسرائيل أيضاً غاراتها العسكرية في الضفة الغربية، فقتلت عدداً أكبر من الفلسطينيين في الربع الأول من عام 2022 مما قتلت في الفترة نفسها في عام 2021. وقد عبر لبيد عن دعمه لحل الدولتين والمفاوضات السياسية مع الفلسطينيين. لكن لا بياناته ولا شمول الائتلاف لأحزاب تعلن أنها مع السلام، مثل حزب العمل وميريتس، كان لها أي أثر ملموس على تعميق الاحتلال، وانعدام المساواة المنهجي وإنكار الحقوق الفلسطينية. لقد عادت الحكومة بالفعل إلى اجتماعات على المستوى الوزاري مع السلطة الفلسطينية ودفعت ببعض الإجراءات الاقتصادية والإنسانية (بما في ذلك التراخيص التي تُمنح للعمال الفلسطينيين لدخول إسرائيل ولم شمل العائلات في الضفة الغربية)، لكنها لم تتخذ أية خطوات من شأنها أن تتدخل في المصفوفة الكلية للسيطرة الإسرائيلية أو التلميح إلى أفق سياسي.

في دبلوماسيتها، سعت الحكومة لتبني مقاربة غير محازبة في الولايات المتحدة أكثر من سابقتها، التي كانت تتودد بشكل رئيسي إلى الجمهوريين، وسعت إلى إذابة جليد العلاقات الذي تصلب خلال حقبة نتنياهو، لا سيما في أجزاء من أوروبا. وأخفقت الحكومة في تحقيق اختراقات رئيسية في البناء على ما قام به نتنياهو من تطبيع مع العالم العربي والإسلامي. بدلاً من ذلك عمقت علاقاتها مع دول وقعت الاتفاقات الإبراهيمية، خصوصاً في قمة النقب التي استضافتها في أواخر آذار/مارس، والتي حضرها وزراء خارجية البحرين، ومصر، والمغرب والإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. أطلق هذا الحدث منتدى النقب للتعاون في مختلف الميادين. وقد شجعت زيارة الرئيس جو بايدن القادمة إلى الشرق الأوسط على قيام المزيد من التعاون في مجال الدفاع الجوي بين إسرائيل والدول العربية، لا سيما الخليجية منها، ومن المرجح أن تدفع إلى تحسين العلاقات الإسرائيلية – السعودية، لكن دون الشروع في علاقات رسمية في هذا الوقت.

ما هي النتائج المتوقعة للانتخابات الجديدة؟

كانت نتائج جميع الانتخابات الأربعة التي أجريت على مدى السنوات الثلاث الماضية متقاربة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الهوامش في الانتخابات الجديدة ستكون ضيقة جداً. وسيعتمد الكثير على المشاركة في عملية الاقتراع في عدة دوائر انتخابية، حيث ستتمثل الأسئلة الرئيسية في مستوى المشاركة في أوساط المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل (الذين لا يرون تاريخياً فائدة من التصويت) وما إذا كانت أحزاب معينة ستعبر عتبة الـ 3.25 الانتخابية، التي ستكون أصوات الناخبين ضائعة تحتها.

ستشهد المرحلة الأولى فترة مكثفة من تشكيل التحالفات، لا سيما بالنسبة للأحزاب الأصغر التي قد تكون غير قادرة على تخطي العتبة إذا شاركت بمفردها. على سبيل المثال، ستحتاج الأحزاب التي تمثل العرب الفلسطينيين إلى اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستستمر في الترشح على قائمتين – القائمة العربية الموحدة والقائمة المشتركة، التي عارضت الائتلاف الذي انتهى الآن – أو التوحد. على اليسار ويمين الوسط على التوالي، يترتب على ميريتس، الذي بات معرضاً لخطر التلاشي، والفصيل المنشق عن الليكود، "الأمل الجديد" الذي يقوده الوزير الليكودي السابق جدعون ساعر الانضمام إلى قوائم أخرى للبقاء على قيد الحياة. وقد يكون مصير حزب يمينا بزعامة بينيت والمنشقين عنه حاسماً. فإعلان بينيت أنه لن يترشح لإعادة الانتخاب وأنه سيسلم مقاليد الحزب لوزيرة الداخلية إيليت شكد يعيد خلط الأوراق. شكد لا تشاطر بينيت رفضه العمل في حكومة يرأسها نتنياهو ويمكن أن يغير يمينا تحالفاته بقيادتها، الأمر الذي من شأنه ربما أن يعزز قوة نتنياهو بشكل يغير قواعد اللعبة. لكن يتوجب على يمينا أن يتوحد أولاً وأن يعبر العتبة الانتخابية، وهي مهمة ليست بسيطة عندما يكون سبعة من أعضائه قد انشقوا وواحد على الأقل يتوقع أن يفعل ذلك. سيشكل حزب يمينا وناخبوه عامل تأرجح مهم.

بموازاة ذلك، ستحدد الأحزاب حصصها البرلمانية للانتخابات والبعض سيجري انتخابات على قيادته استعداداً لذلك.

لقد ظهر لبيد بوصفه القائد الواضح للمعسكر الوسطي. إلا أن جانبه يشمل على الأقل أربعة أحزاب مهددة بالفشل بعبور العتبة. هذا الائتلاف الحاكم البديل أظهر للتو عدم قدرته على التماسك. وفي التقليد الساري منذ زمن والقاضي بدخول القادة الأمنيين السابقين الحياة السياسية الإسرائيلية، فإن الشخصية التي تشكل جائزة قيمة في هذه المناسبة ستتمثل في رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق غادي أيزنكوت، الذي أعلن نيته الترشح. ويتوقع أن ينضم أيزنكوت إلى حزب يسار وسط، لكنه لم يحدد ذلك الحزب. وفي حين أن ترشحه يمكن أن يحقق بعض الإثارة العابرة، فمن المرجح أن يكون أثره الانتخابي محدوداً.

جميع هذه العوامل تفسر ارتفاع فرص نتنياهو أكثر مما قد توحي به إحصائيات الاستطلاعات الجافة، رغم أن الاستطلاعات تظهر أن الائتلاف الذي يقوده الليكود ما يزال لم يحقق الرقم السحري البالغ 61 مقعداً. نتنياهو هو الزعيم غير المنازع سواء لليكود أو للمعسكر اليميني بشكل عام؛ ولن يواجه تحدياً داخلياً جدياً رغم أنه مضى على خروجه من المنصب سنة كاملة. كما أنه يظل المرشح الأكثر شعبية لرئاسة الوزراء وحزبه يحصل في الاستطلاعات على أكثر من كل خصومه وبهامش لا بأس به. الأهم من ذلك، أن الأحزاب الثلاثة المتحالفة معه في المعسكرات اليهودية المتشددة والدينية القومية تتجاوز بارتياح العتبة الانتخابية في كل انتخابات. وتستفيد كتلته المحورية من وجود تناغم سياسي كبير، كما أنها تتكون من أربعة أحزاب فقط. إذا نجم عن الانتخابات مرة أخرى أغلبية برلمانية واضحة لليمين الديني دون أن يستطيع نتنياهو تحويلها إلى ائتلاف حاكم، فإن الأحزاب ستميل إلى بذل كل جهد ممكن لإيجاد حل داخل الكتلة اليمينية وتحت قيادة زعيم آخر. لكن ربما بعد التوصل إلى اتفاق مع نتنياهو من شأنه أن يساعده على تفادي إدانة في المحكمة. من هنا فإن حكومة يمينية متناغمة قد تعود إلى السلطة، ربما، لكن ليس بشكل مؤكد، بقيادة نتنياهو.

ما الذي يمكن أن نتوقعه من حكومة تسيير أعمال على الجبهة الإقليمية والفلسطينية؟

سيكون يائير لبيد رئيس وزراء تصريف أعمال لمدة أربعة أشهر استعداداً للانتخابات ومن ثم للوقت الذي يستغرقه تشكيل حكومة جديدة (ويستمر في تصريف الأعمال طوال ذروة انتخابية أخرى إذا حدث ذلك السيناريو). وبتلك الصفة، من غير المرجح أبداً أن تحدث أي إعادة توجه رئيسية سواء على الجبهة الإقليمية أو الفلسطينية. وستكون صلاحياته كرئيس وزراء تصريف أعمال محدودة جداً على كل حال.

سترغب الحكومة المنتهية ولايتها بادعاء الفضل في منع إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

بصرف النظر عن خطابات الحملة الانتخابية، ففي العالم الحقيقي لصنع القرار، سيكون من المهم مراقبة القضية الإيرانية على نحو وثيق، لا سيما مع تولي بينيت هذا الملف الآن كرئيس وزراء بديل قبل أن يأخذ استراحة من السياسة. وسترغب الحكومة المنتهية ولايتها بادعاء الفضل في منع إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني بعد أن فشل نتنياهو في إلغاء الاتفاق الأصلي لعام 2015، عندما كان باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة. لن يترشح أي سياسي رئيسي على منصة مساندة للاتفاق؛ وبالفعل، فإنهم جميعاً يدّعون أنهم في الموقع الأفضل لمنع إعادة إحيائه. ومن هنا فإن النقاش بشأن التعامل مع الملف الإيراني من الممكن جداً أن يشكل موضوعاً رئيسياً للانتخابات، التي تجرى في لحظة بالغة الحساسية.

ومع توقف المفاوضات لاستعادة الاتفاق النووي على مدى الأشهر القليلة الماضية، صعدت إسرائيل أعمالها العسكرية ضد أهداف إيرانية في سورية (بشكل أساسي من خلال الضربات الجوية) وداخل إيران نفسها (اغتيالات وعمليات تخريب). في الماضي، اتخذت إسرائيل عادة موقفاً يمكّنها من الإنكار بشكل مدروس بشأن الهجمات في إيران، حيث لا ترغب بإعلان مسؤوليتها عنها صراحة ولا إنكار مسؤوليتها عنها بقوة. باتت حكومة بينيت غير مهتمة على نحو متزايد بالمحافظة على ذلك الغطاء. ولذلك من الممكن جداً أن تسعى إيران إلى الانتقام عن الهجمات (كما حاولت ظاهرياً فعله في تركيا في حزيران/يونيو). ولا يمكن استبعاد حدوث المزيد من التدهور خلال الحملة الانتخابية.

في هذه الأثناء، تبقى التوترات على الجبهة الإسرائيلية – الفلسطينية مرتفعة ومن الممكن حدوث انفجارات للعنف دون سابق إنذار. وتبقى القدس نقطة ساخنة على نحو خاص، بسبب الاستفزازات الإسرائيلية، بما في ذلك التوسعات الاستيطانية، وطرد الفلسطينيين والأفعال التي تجري في الحرم الشريف. وستضيف الانتخابات الإسرائيلية متغيراً آخر إلى هذا الخليط.

الآراء المعبَّر عنها في الأسئلة والأجوبة أعلاه لا تعكس بالضرورة آراء أعضاء المجلس الدولي لمشروع الولايات المتحدة للشرق الأوسط وكبار مستشاريه.

Contributors

Former Senior Analyst, MENA/Europe
Daniel Levy
President of USMEP

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.