الطريق الصحيح لحل أزمة ليبيا: وقف إطلاق النار والمفاوضات
الطريق الصحيح لحل أزمة ليبيا: وقف إطلاق النار والمفاوضات
Statement / Middle East & North Africa 3 minutes

الطريق الصحيح لحل أزمة ليبيا: وقف إطلاق النار والمفاوضات

وقف تام لإطلاق النار تتبعه مفاوضات لضمان الانتقال إلى مرحلة ما بعد القذافي.  وينبغي أن يكون تشكيل حكومة شرعية وتمثيلية هو الهدف المباشر لمقاربة المجتمع الدولي حيال الأزمة الليبية.  وينبغي أن ينظر إلى التدخل العسكري بوصفه ملاذاً أخيراً، وذلك لحماية المدنيين المعرضين للخطر.  وينبغي ألاّ يسمح لأي شيء باستباق الحل السياسي أو الحيلولة دون السعي الحثيث للوصول إليه.

في بداية الاحتجاجات المناهضة للقذافي، تمثلت ردة فعل المجتمع الدولي على الانتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين باعتماد تدابير (كتجميد الأصول وحظر توريد الأسلحة، والتهديد بالملاحقة القضائية لمرتكبي جرائم الحرب) التي دعت إليها مجموعة الأزمات الدولية ودعمتها علناً بوصفها ضرورية لمنع حدوث كارثة إنسانية.  ولكن الأوضاع تطورت منذ ذلك الحين وتحولت الآن إلى حرب أهلية شاملة.

لعب الجيش في تونس ومصر دوراً حاسماً، من خلال اتخاذه موقعاً عازلاً محايداً، في تجنب اندلاع حرب أهلية وتسهيل الوصول إلى حل منظّم للأزمة السياسية.  في كلا البلدين، كان لدى الدولة وجود مستقل عن الرئيس ونظامه، وقد رأى الجيش أن المتظاهرين كانوا يعارضون الرئيس وليس الدولة ذاتها.  هذا التمييز بين الدولة والنظام غائب في ليبيا.  فقد بنى القذافي هيكلية السلطة مرتكزاً على شخصه وعلى وأفراد أسرته ومعتمداً جزئياً على التحالفات القبلية بدلاً من الهيكليات الحديثة.  ونتيجة لذلك، لم يكن بالإمكان بقاء قوات الجيش والأمن محايدة، فانقسمت ما بين قوات موالية لهذا الطرف أو ذاك.  كما يبدو أن البلاد تنقسم على أسس قبلية ومناطقية.

في هذا السياق، فإن دعوة الغرب لتدخل عسكري من أي نوع تبقى محفوفة بالمخاطر وقد تأتي بنتائج عكسية.  ليس هناك أية حلول سريعة أو سهلة.  الإصرار على تنحي القذافي لن يجعله يفعل ذلك.  قد يرجح فرض حظر الطيران، أو تفجير المطارات أو تسليح المتمردين ميزان القوى لصالح المتمردين، ولكن من غير المرجح أن ُيسقط النظام بسرعة.  في الواقع، قد يوفر ذلك للنظام فرصة للدعاية التي تمكنه من تعزيز موقفه، وقد تضعف وتشرذم التحالف المناهض للقذافي، والذي يحتاج إلى وقت ليتطور إلى حركة موحدة حقاً بقيادة واضحة ورؤية سياسية متماسكة.  وقد لا يكون التدخل حاسماً مما يضع المجتمع الدولي أمام معضلة صعبة: إما أن يعمق مشاركته أو أن يشهد مأزقاً طويل الأمد.

قد يساعد التدخل الغربي الحازم في إسقاط النظام، ولكن الخسائر البشرية والسياسية ستكون كبيرة وربما تعجّل في إحداث فراغ سياسي تتحارب فيه قوى مختلفة في صراع من أجل السيطرة قبل التمكن من تأسيس أي شيء يشبه الدولة أو حكومة مستقرة.  ويمكن لهذه الدوامة أن تجر جيران ليبيا وتضعف بشدة آفاق التطور الديمقراطي في كل من تونس ومصر فضلاً عن خلق كارثة إنسانية على أعتاب أوروبا.  من المحتمل أن يكون دخول الصراع أسهل بكثير من الخروج منه.

بدلاً من ذلك، ينبغي على المجتمع الدولي أن يعلن عن مبادئ واضحة تهدف إلى وقف الخسائر في الأرواح ويمكن الدفاع عنها بغض النظر عن تطورات الصراع:

  • إدانة استخدام العنف ضد المدنيين وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، مع وجود إمكانية حقيقية لاتخاذ إجراءات دولية في حال استمرت هذه الأعمال بالتصاعد.
  • وقف فوري لإطلاق النار.
  • بدء مفاوضات بين أطراف الصراع ترمي إلى استبدال النظام الحالي بحكومة أكثر تمثيلاً وخضوعاً للمساءلة واحتراماً للقانون . تتطلب الاعتبارات الإنسانية العاجلة والاعتبارات السياسية الأبعد مدى وضع حد للعنف من خلال وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات بين الجانبين.  ووفقا لذلك، فإن مجموعة الأزمات الدولية تدعو لتشكيل مجموعة اتصال أو لجنة تتألف من رجال دولة محترمين دولياً من الدول المجاورة لليبيا في شمال أفريقيا والدول الأفريقية الأخرى تُفوَّض بالتوسط للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار والشروع في محادثات مباشرة بين الجانبين وضمان الانتقال إلى نظام ما بعد القذافي يتمتع بالشرعية في نظر الشعب الليبي.

قد لا تنجح مثل هذه المحادثات.  وقد تغدو الإجراءات الأكثر حزماً - بعد موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبالتنسيق الوثيق مع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي - ضرورية لمنع وقوع خسائر فادحة في الأرواح.  ولكن قبل التوصل إلى ذلك الاستنتاج، ينبغي أولاً استنفاد الخيارات الدبلوماسية التي لم تبدأ بعد حتى.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.