Palestinians take part in a protest at the entrance of the Gaza City headquarters of the UNRWA on August 7, 2023, during a demonstration demanding that their homes which were destroyed in the 2014 conflict with Israel be rebuilt. MAJDI FATHI / NurPhoto / NurPhoto via AFP
Report / Middle East & North Africa 20+ minutes

جردة حساب الأونروا: المحافظة على الوكالة الأممية في خدمة اللاجئين الفلسطينيين

يعتمد ملايين اللاجئين الفلسطينيين على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الخدمات وفرص التوظيف. إلّا أن الوكالة تعاني من أزمة مالية حادة، الأمر الذي يعرض رفاه واستقرار اللاجئين للخطر. ولذلك، ينبغي على المانحين أن يوفروا للوكالة تمويلاً مضموناً، ومستداماً ومتعدد السنوات.

 

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ما الجديد؟ تقترب أموال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي تخدِّم نحو ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني – مرة أخرى - من النفاد. تبدو الأزمة الراهنة في موازنة الوكالة مثيرة للقلق على نحو خاص، الأمر الذي يعكس تراجع تمويل العمليات الإنسانية للأمم المتحدة بصورة عامة والإجهاد الذي أصاب المانحين بسبب تضاؤل آفاق التوصل إلى تسوية دائمة للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني.

ما أهمية ذلك؟ سيحرم تقليص خدمات الأونروا على نحو كبير، أو انهيار الوكالة، ملايين اللاجئين الفلسطينيين من الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى المساعدات الغذائية. ويمكن أن يتبع ذلك اضطرابات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل، وقد تتلوها الأردن ولبنان، ولا سيما إذا تصوَّر الفلسطينيون أن تقليص الخدمات يُعدُّ مؤشراً على فقدانهم لمكانتهم كلاجئين.

ما الذي ينبغي فعله؟ تحتاج الأونروا إلى التزامات بتمويل متعدد السنوات. وينبغي على مزيج من المانحين التقليديين والجدد – بما في ذلك الصين ودول الخليج الغنية – أن يوفرها. وبالنظر إلى احتمال حدوث أزمة تزعزع الاستقرار، يتعين على المانحين أن يدركوا أن تنظيف الفوضى التي سيحدثها انهيار الأونروا سيكون أكثر كلفة بكثير من ردم الفجوة المالية.

الملخص التنفيذي

بعد نحو خمسة وسبعين عاماً من تأسيس دولة إسرائيل وما تبعه من حرب عربية–إسرائيلية أحدثت أزمة لاجئين كبرى، ما يزال نحو ثلاثة ملايين فلسطيني يعتمدون على الأمم المتحدة في غذائهم، وتعليمهم، وصحتهم وخدماتهم الاجتماعية، إضافة إلى الوظائف في هذه القطاعات. لكن في عالم متغير يعاني من التبعات الاقتصادية لجائحة كوفيد–19 والحرب الروسية في أوكرانيا، تجد الأمم المتحدة صعوبة متزايدة في إقناع الحكومات الأعضاء بتمويل عملياتها الإنسانية. تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التي تأسست في عام 1949 لرعاية اللاجئين الفلسطينيين، تحدياً من نوع خاص. وتتفاقم الصعوبات المالية الدائمة للوكالة، التي تبلغ موازنتها السنوية 1.6 مليار دولار بسبب الإجهاد الذي يشعر به المانحون وشعور متزايد بأن التسوية اللازمة لإنهاء الأزمة الإسرائيلية–الفلسطينية قد لا تتحقق. سيكون انهيار الأونروا مدمراً، سواء لملايين اللاجئين الذين سيحرمون فجأة من الوظائف والخدمات، أو للدول الهشة التي تستضيفهم. ويعد توفر تمويل متعدد السنوات، مضمون وكافٍ، ومستدام من المانحين التقليديين والجدد الذين لهم مصالح إقليمية، أفضل طريقة لتفادي الكارثة التي تلوح في الأفق.

لقد دقت قيادة الأونروا ناقوس الخطر على نحو متكرر على مدى الشهور القليلة الماضية من الوضع المالي الخطير للوكالة، محذرة من أنها قد يتعين عليها وقف عملياتها في موعد قريب، قد يكون أيلول/سبتمبر، وناشدت المانحين الدوليين تقديم 200 مليون دولار على شكل تمويل إضافي لتلبية احتياجات موازنتها. وقد كانت الاستجابة متباينة؛ فقد رددت بعض الحكومات المخاوف نفسها بشأن العجز؛ في حين كررت دول أخرى العبارة غير المفيدة بأن الوكالة تعاني من العجز نفسه كل سنة وتتمكن في النهاية من تدبر أمرها. قد يكونون محقين بالنسبة لعام 2023، لكن بحلول منتصف أيلول/سبتمبر، لم تكن الوكالة قد تمكنت بعد من ردم الفجوة. لكن حتى لو فعلت ذلك في ربع الساعة الأخير، فإن المشكلة تتجاوز دورة التمويل الراهنة.

وحتى لو أُنقذَت الأونروا في اللحظة الأخيرة، كما حدث من قبل ويمكن أن يحدث من جديد في عام 2023، فإن الوضع الدائم للأزمة أمر غير مقبول. إذ إنه يقوض معنويات الموظفين، ويدفع إلى إضرابات تتعلق بالرواتب ويحوِّل وكالة دولية ذات سجل تفخر به في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين إلى متسوِّل بائس يبحث عن الصدقات. كما أنه من غير الكفاءة إدارة ما يرقى إلى دولة رفاه لثلاثة ملايين شخص بموازنة تقشفية، بالنظر إلى أن ذلك سيمنع الاستثمار في البنية التحتية، والرقمنة وغير ذلك من نفقات التحديث، الأمر الذي سيلحق ضرراً كبيراً بجودة الخدمات.

الأسوأ من ذلك، كما يخشى الفلسطينيون – مصيبين كانوا أم غير مصيبين – من أن نهاية مكانتهم كلاجئين نتيجة انهيار الأونروا، أو حتى نتيجة تقليص حاد في الخدمات، من شأنه أن يُحدث موجة جديدة من الاضطرابات في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل ويزعزع استقرار الأردن ولبنان. الحكومتان الأردنية واللبنانية، على نحو خاص، حريصتان على بقاء وازدهار الوكالة، بالنظر إلى أنهما لا تريان احتمالاً في الأفق للتوصل إلى تسوية دائمة قائمة على وجود دولتين للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، وتدركان أن الضغوط ستتزايد عليهما، بصفتهما حكومتان مضيفتان، للاضطلاع بتحمل الأعباء المالية والسياسية لرعاية اللاجئين في بلديهما. الإسرائيليون، الذين ينزعون إلى رفض فكرة أن اللاجئين الفلسطينيين لهم الحق بالعودة إلى وطنهم الأصلي (إسرائيل اليوم)، لأنهم يرون أنه يعرِّض وجود دولة إسرائيل للخطر، منقسمون في مقاربتهم للأونروا. ففي حين يعارضها البعض بقوة، ويرى فيها أداة للمحافظة على قضية اللاجئين على الأجندة السياسية، يرى آخرون مزيّات معينة في أثرها الذي يحقق الاستقرار الذي توفره خدماتها.

بالنظر إلى أن مستقبل الأونروا، التي ستحتفل بعيد ميلادها الخامس والسبعين العام القادم، على المحك، تُطرَح مقترحات مختلفة بشأن كيفية جعلها مستدامة. وتنظر الأفكار المتداولة في كيفية جعل عملياتها أكثر كفاءة من حيث التكلفة، والانتقال تدريجياً من المساهمات الطوعية إلى التمويل من الموازنة العامة للأمم المتحدة، أو نقل جزء من العبء المالي إلى وكالات الأمم المتحدة الأخرى، أو حتى إلى الحكومات المضيفة. لا يحظى أي من هذه المقترحات بقبول كبير ولا بفرصة تبنيه، ناهيك عن تنفيذه، على الأقل ليس على المدى القصير. الأونروا نفسها تأمل بإطلاق نقاش بين المانحين لاستكشاف تحرك نحو نموذج لتقديم الخدمات يقطع الصلة بين خدماتها وفكرة حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.

يتمثل الحل العملي الوحيد للضائقة المالية الصعبة التي تعاني منها وكالة يبقى وجودها لا غنى عنه – بالنسبة للاجئين الفلسطينيين، والمنطقة والعالم –في تمويل متعدد السنوات، مستدام وقابل للتنبؤ، بما في ذلك من مانحين جدد، إضافة إلى ضخ أموال على نحو عاجل على المدى القصير في عام 2023. وتعد دول الخليج الغنية، بمصالحها الإقليمية الواضحة، والصين، التي تسعى إلى تحويل ثقلها الاقتصادي في الشرق الأوسط إلى نفوذ سياسي، من بين أفضل المرشحين. لكن يبقى من غير الواضح ما إذا كانت الأمم المتحدة ستنجح في إقناع هذه الدول وغيرها بالاضطلاع بالمهمة. أما كيفية تأمينها لدعم مستقر من قبل المانحين في بيئة دولية باتت على نحو متزايد أقل تقبلاً لعمليات الأمم المتحدة الإنسانية وغيرها من المبادرات متعددة الأطراف، ومع تلاشي احتمال التوصل إلى حل الدولتين للصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، فيبقى سؤالاً مفتوحاً. وقد يكمن جزء من الجواب في دفع المانحين الذين يفتقرون أيضاً إلى الأموال إلى التفكير بتكاليف السماح بفشل الأونروا. إذا فعلوا ذلك، سيجدون أن دفع مبلغ 1.6 مليار دولار سنوياً قد يبدو بالتأكيد صفقة جيدة.

القدس/عمان/بروكسل، 15 أيلول/سبتمبر 2023

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.