Report / Middle East & North Africa 3 minutes

الصحــــراء الغربية: تكاليـــف النزاع

  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ملخّص تنفيذي

يعتبر نزاع الصحراء الغربية أحد أقدم النزاعات في العالم وأكثرها إهمالا. وبمضي أكثر من عشرين عاما منذ بداية هذه الحرب وبنزوح أعداد ضخمة من الناس ووقف لإطلاق النار في العام 1991 الذي عمل على تجميد المواقف العسكرية، فان نهاية هذه الحرب سوف تبقى بعيدة المنال. والسبب في ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى الحقيقة التي تكمن في الوضع القائم حاليا وهو الذي يعطي مزايا معينة بالنسبة لمعظم الفاعلين على الساحة وهم المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو وكذلك إلى دول غربية معينة، حيث من الممكن أن يتعرضوا إلى مخاطر معينة جراء أية تسوية قد تتم على هذا النزاع. إلا أن لهذا النزاع تكاليف بشرية وسياسية واقتصادية وضحايا حقيقيين بالنسبة للدول المعنية بالنزاع بشكل مباشر وبالنسبة للمنطقة ككل وبالنسبة للمجتمع الدولي على المستوى الأوسع. وسيكون من المهم أن يتم الإقرار بذلك إذا ما تطلب الأمر أن يتم خلق ديناميكية جديدة لحل هذا النزاع.

ولدى استناد أطراف النزاع إلى حساباتهم الخاصة بهم، فقد رأت هذه الأطراف في هذا المأزق على أنه قابل للتحمل. ونتيجة لذلك، أصبح نزاع الصحراء الغربية أحد النزاعات "المجمدة" والذي يسترعي القليل جدا من الانتباه نحوه أو الارتباط به. وعلى ما يبدو فان تكاليف النزاع التقديرية أقل بدرجة كبيرة جدا من تكاليف حل قد يكون مؤذيا وغير مرغوب به بالنسبة لهذا الطرف أو ذاك. وبالنسبة للمغرب، فقد يكون للتسوية غير المرغوب بها عواقب وخيمة وخطيرة جدا على الصعيد المحلي بما أن النظام الملكي قد عمل على تحويل المسألة بحيث أصحبت قضية نفوذ قوي بخصوص وحدة وطنية وقضية وسيلة من وسائل منع التهديد الموجه إلى نفوذه وسلطته من قبل أحزاب سياسية معينة ومن قبل الجيش.

ومن الممكن أن تعمل التسوية غير المرغوب بها بالنسبة لجبهة البوليساريو على إصابة الجبهة بجرح قاتل بصفتها منظمة سياسية وأن يتم إجبارها على قبول تسوية مذلة مع كبار الشخصيات الصحراوية الذين قاموا بعقد السلام بينهم وبين المغرب منذ مدة طويلة. كما قد تعني مثل تلك التسوية على أن اللاجئين الصحراويين القاطنين في مخيمات مدينة "تندوف" الجزائرية قد أمضوا مدة 30 عاما في تلك المخيمات مقابل لا شيء. وبالنسبة للجزائر، فقد يترتب على مثل تلك التسوية خسارة لنفوذها وقوتها فيما يخص علاقاتها مع المغرب وهزيمة للمبادئ التي قامت بالدفاع عنها لمدة تزيد عن ثلاثة عقود.

ومن هنا، فان هذه الحسابات تجاهلت الثمن الباهظ جدا الذي يقوم بدفعه جميع الأطراف سواء كانوا دولا أو قبل كل شيء أفرادا. وبالنسبة للصحراويين الذين يعيشون في مخيمات مدينة تندوف فقد كتب عليهم أن يتحملوا ويصبروا على هذا المنفى وعلى العزلة والفقر وهم يشعرون كل يوم وبشكل متزايد بأنهم قد جرى التخلي عنهم وهجرهم من قبل المجتمع الدولي. فهم يعيشون تحت سلطة ذات تركيبة سياسية تم إقصاءها وطردها (جبهة البوليساريو والجمهورية الصحراوية الديمقراطية التابعة لها) والتي بالكاد أن تكون ديمقراطية والتي أيضا يشتبه بقيام زعماؤها بإثراء أنفسهم من خلال اختلاس المساعدات والمعونات التي تم تقدمها إليها. كما كان على جبهة البوليساريو أيضا أن تواجه سخط واستياء قاعدة من عناصر تباعين لها والذين تتضاءل وتضعف معنوياتهم ووحدتهم بعد سنوات من الركود والجمود.

إن هؤلاء الصحراويين الذين يعيشون في الأراضي التي تسيطر عليها المغرب بنسبة تبلغ 85 في المائة يتمتعون بظروف مادية أفضل والفضل في ذلك يعود بشكل خاص إلى الاستثمارات الهامة التي تمت من قبل المملكة المغربية. ومع ذلك، سيكون من المستحيل تقريبا بالنسبة لهم أن يعبروا عن آرائهم بصراحة والتي سوف لن تكون مؤيدة للمغرب. وتقوم الرباط بممارسة الكبت وبشكل عنيف على أية مطالبة تنادي بالاستقلال والتي كان قد سبق لها وإن لجأت مرارا وتكرارا إلى التعذيب وإلى الاعتقالات بطريقة استبدادية وشملت تلك الممارسات نشطاء حقوق الإنسان. كما أنها قامت وبشكل متكرر أيضا بمنع الزيارات من قبل الوفود والبعثات الدولية التي كانت لديها الرغبة في الاطلاع على الوضع القائم وقامت في أحيان كثيرة بطرد الصحفيين الأجانب. وبفعل المزايا والمنافع الجمة التي تقوم الرباط بمنحها لهؤلاء الناس قامت بجذب أفراد السكان بدءا من شمال المغرب ولغاية الصحراء الغربية إلى درجة أن الصحراويين سوف يصبحون في وقت قريب جدا بمثابة الأقلية في تلك المنطقة، وهو الذي أعطاهم إحساس قوي بأنهم سوف يتم إخراجهم من بلادهم.

كذلك، كان على المغاربة ككل أيضا أن يتحملوا تكاليف باهظة. فهناك المئات من الجنود المغاربة الذين كانوا قد وقعوا في الأسر وتعرضوا للتعذيب على يد جبهة البوليساريو وقد أمضى معظمهم مددا طويلة في السجون. وكذلك كان على المغاربة أن يتحملوا تكاليف مالية فادحة (موازنة عسكرية، استثمارات في "المقاطعات الصحراوية"، مهلات ضريبية ورواتب مرتفعة للموظفين الحكوميين) حيث عملت تلك التكاليف الباهظة على إعاقة التنمية الوطنية، وهو وضع جد خطير إلى ابعد الحدود وبكل ما في هذه الكلمة من معنى حيث أن الفقر في الأحياء المزدحمة بالسكان والموسومة بطابع الفقر قد عمل على استحداث زخم وقوة دافعة بخصوص الحركة الإسلامية "السلفية".

وبالنسبة للجزائر، يجب أن لا يتم فقط قياس التكاليف من الناحية الأساسية كتكاليف مالية (بدءا من المساعدات التي تقدم إلى اللاجئين ولغاية التبرع بالمعدات والأجهزة العسكرية إلى جبهة البوليساريو) وكتكاليف دبلوماسية (حيث يكون تنفيذ هذا الالتزام في بعض الأحيان على حساب مصالح أخرى)، بل يجب أيضا أن يتم قياس التكاليف من ناحية التواجد الدائم والمستمر لمصدر توتر رئيسي على حدودها الغربية. وقد قامت موريتانيا بدفع الثمن بالنسبة للنزاع الصحراوي بحدوث الانقلاب في العام 1978 والذي كان يبشر على امتداد فترة طويلة بدنو تقلب وعدم استقرار مؤسساتي وعلى أن المسالة سوف تبقى مصدرا كامنا من مصادر عدم الاستقرار بالنسبة لنواكشوط.

كما كانت أيضا التكلفة الكلية لهذا النزاع تكلفة عالية جدا بالنسبة للمنطقة ككل من حيث كون النزاع قد عمل على عرقلة قيام تطور في "الاتحاد المغاربي العربي" بحيث عمل على استحداث تأجيل وتأخير من ناحية الاندماج والتكامل الاقتصادي وعلى انخفاض في الاستثمارات الأجنبية وعلى معدلات نمو أكثر بطئا. وربما يتمثل الشيء الذي قد يشكل أكثر خطورة في هذا الصدد في حقيقة تحول المنطقة الخاضعة لحكم سيئ والتي تغطي الصحراء الغربية وشمالي موريتانيا وجنوب غرب الجزائر بحيث أصبحت منطقة تهريب (للمخدرات وللأفراد ولأشكال عديدة من تهريب السلع المحظورة) والتي تفتقر وتعاني من نقص في مجال التعاون الأمني. وختاما، وبفعل هذا النزاع، تم تشويه سمعة الأمم المتحدة وإضعاف الثقة بها تماما جراء موقفها من هذا النزاع، في حين كان على المجتمع الدولي أن يدفع مبالغ طائلة يتم إنفاقها على قوة مراقبة دولية وعلى معونات اقتصادية يتم تقديمها لهذه المنطقة.

وقد تضمن هذا التقرير وصفا للثمن البشري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والأمني الذي يتطلب من الأطراف المعنية أن تقر وتعترف بدفعه إذا كان عليها أن تعمل على إنهاء هذا النزاع الذي طالما تم تأجيله. وهناك تقرير مرافق من مجموعة كريسز جروب الدولية تم إصداره بشكل متزامن معه وهو بعنوان "الصحراء الغربية: الخروج من هذا الطريق المسدود"، والذي يقدم تحليلا حول كيفية إقحام ديناميكية جديدة من الممكن أن تعمل على استحداث ذلك الاختراق الدبلوماسي الضروري.

القاهرة/ بروكسل 11 حزيران (يونيو) 2007

Executive Summary

The Western Sahara conflict is both one of the world’s oldest and one of its most neglected. More than 30 years after the war began, the displacement of large numbers of people and a ceasefire in 1991 that froze military positions, its end remains remote. This is substantially due to the fact that for most of the actors – Morocco, Algeria and the Polisario Front, as well as Western countries – the status quo offers advantages a settlement might put at risk. But the conflict has human, political and economic costs and real victims: for the countries directly concerned, the region and the wider international community. This is important to acknowledge if a new conflict-resolution dynamic is to be created.

Based on their own calculations, the parties have deemed the stalemate bearable. As a result, the conflict has become one of those “frozen” ones that draw scant attention or engagement. The estimated costs appear far lower than the costs of a solution that would be detrimental to one party or another. For Morocco, an unfavourable settlement could have very serious domestic consequences since the monarchy has turned the issue into a powerful force for national unity and a means to control the threat to its power from political parties and the army.

An unfavourable settlement could mortally wound the Polisario as a political organisation and force it to compromise with the Sahrawi notables who have made their peace long ago with Morocco. It would also mean that the Sahrawi refugees in the Algerian city of Tindouf would have lived 30 years in camps for nothing. For Algeria, it would involve the loss of leverage in relations with Morocco and the defeat of principles it has defended for over three decades.

And yet, these calculations ignore the very heavy price that all – states, but also and above all, peoples – are paying. The Sahrawis who live in the Tindouf camps have to put up with exile, isolation and poverty; day after day they feel increasingly deserted by the international community. They live under the authority of an exiled state structure (the Polisario and its Sahrawi Arab Democratic Republic) that is barely democratic and whose leaders are suspected of enriching themselves by embezzling aid. The Polisario also has to face the increased discontent of a base whose morale and unity are weakening after years of stagnation.

Those Sahrawis who live on 85 per cent of the territory controlled by Morocco enjoy better material conditions, in particular thanks to important investments made by the kingdom. However, it is almost impossible for them to express opinions that are not pro-Moroccan. Rabat violently stifles any claim of independence, frequently resorting to torture and arbitrary arrests, including against human rights activists. It has repeatedly prevented visits by international delegations wishing to observe the situation and has frequently expelled foreign journalists. Through the numerous benefits it grants, Rabat attracts populations from the north of Morocco to Western Sahara with the effect that the Sahrawis will very soon be a minority in that area, giving them a strong sense of dispossession.

Moroccans as a whole have also had to bear heavy costs. Hundreds of Moroccan troops have been captured and tortured by the Polisario. Most have remained in prison for a long time. Moroccans also have to shoulder an exorbitant financial cost (military budget, investment in the “Southern provinces”, tax breaks and higher salaries for civil servants) that has hampered national development – a situation all the more serious since poverty in the country’s slums is generating momentum for a Salafi Islamist movement.

For Algeria, costs have been primarily financial (from aid to refugees and donation of military equipment to the Polisario) and diplomatic (with this commitment sometimes at the expense of other interests), but also have to be measured in terms of the continuing existence on its western border of a major source of tension. Mauritania paid a price for the Sahrawi conflict with the 1978 coup, which ushered in a long period of institutional volatility, and the issue remains a potential source of instability for Nouakchott.

The overall cost of this conflict is also very high for the region as a whole, since it hinders the development of the Arab Maghreb Union, generating delays in economic integration, low foreign investment and slower rates of growth. Perhaps more serious is the fact that the badly governed area covering Western Sahara, Northern Mauritania and South West Algeria is becoming a zone of trafficking (drugs, people and multiple forms of contraband) that suffers from lack of security cooperation. Finally, the UN has been thoroughly discredited by its attitude in this conflict, while the international community has to pay large sums for an observation force and economic aid.

This report describes the human, social, economic, political and security price the parties need to acknowledge if they are to end the protracted conflict. A companion Crisis Group report issued simultaneously, Western Sahara: Out of the Impasse, analyses how a new dynamic might be developed that could produce the necessary diplomatic breakthrough.

Cairo/Brussels, 11 June 2007

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.