أن تتعامل أو لا تتعامل: كيف يمكن دعم تونس للخروج من محنتها
أن تتعامل أو لا تتعامل: كيف يمكن دعم تونس للخروج من محنتها
Op-Ed / Middle East & North Africa 8 minutes

أن تتعامل أو لا تتعامل: كيف يمكن دعم تونس للخروج من محنتها

تواجه تونس تحديات سياسية واقتصادية تزداد عمقاً. إذ يقوم الرئيس قيس سعيِّد بتحويل النظام البرلماني في البلاد إلى نظام رئاسي استبدادي أصبح قمعياً على نحو متزايد. لقد ارتفع عدد حالات اعتقال وإدانة سياسيي المعارضة، وغذَّى خطاب سعيِّد العدواني المعادي للأجانب مشاعر رهاب الأجانب وأسهم في ارتفاع عدد الهجمات العنيفة ضد المهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء. اقتصادياً، تعاني تونس من تداعيات عقد من النمو البطئ المترافق مع سلسلة من الصدمات الاقتصادية منذ عام 2020. كما ارتفع الدين العام للدولة على نحو كبير، مع اقتراب مواعيد سداد ديون كبيرة. ومع محاولة البلاد التعامل مع قيود مالية متزايدة، فإن عدم قدرتها على اجتذاب القروض الأجنبية يجعل مستقبلها الاقتصادي ملبداً بالغيوم.

يجب على سعيِّد أن يقرر الآن ما إذا كان سيتوصل إلى اتفاق ائتماني مع صندوق النقد الدولي أو يتخلف عن سداد الديون الأجنبية على تونس. على هذه الخلفية، يمتلك الاتحاد الأوروبي، ولا سيما إيطاليا، دوراً محورياً يمكن أن يلعبه. إذ يمكن لدول الاتحاد إما أن تساعد في دفع تونس نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقراراً أو الاكتفاء بمراقبتها وهي تنزلق إلى الفوضى.

مشهد سياسي واقتصادي مثير للقلق

في حين أن الاحتجاجات التي أدَّت إلى الربيع العربي بدأت في تونس، فإن الوعد بمجتمع أكثر ديمقراطية ومساواة في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا لم يتحقق. لاشك أن الاحتجاجات أدَّت فعلاً إلى الإطاحة بالرئيس التونسي الاستبدادي زين العابدين بن علي في عام 2011. كما أن تونس كانت البلد الوحيد الذي خرج من الانتفاضات الإقليمية بديمقراطية جديدة. لكن تلك التجربة ترنحت بعد أن فرض سعيِّد – الذي انتخب رئيساً عام 2019 احتكاراً على السلطة في تموز/يوليو 2021. وعلى مدى العامين الماضيين، استبدل النظام شبه البرلماني بنظام يفتقر إلى آليات الرقابة والمساءلة، وجمع السلطات في يديه. عاد خوف الناس من القمع إلى الظهور؛ فمنذ منتصف شباط/فبراير 2023، تسارعت وتيرة اعتقال وإدانة شخصيات عامة، ولا سيما السياسيين، الأمر الذي يضعف معارضة غير منظمة ومنقسمة. في هذه الأثناء، ركزت شرائح واسعة من السكان على البقاء في وجه أزمة اقتصادية متفاقمة وابتعدت عن السياسة.

لقد حاول الرئيس سعيِّد تعزيز الدعم المتضائل الذي يتمتع به بالدفع بسياسات قومية. فقد سجن أفراداً في المعارضة في تحرك يبدو أنه يهدف إلى تعزيز مكانته لدى شرائح من الشعب أحبطتهم الطبقة السياسية السابقة. كما اتهم سعيِّد، وبشكل ينم عن كراهية الأجانب، المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء بالتآمر لتغيير هوية تونس، الأمر الذي أوجد مناخاً يفضي إلى هجمات عنيفة متكررة ضد أقلية هشة. 

اقتصادياً، ما تزال البلاد تترنح بعد عقد من النمو البطئ. فبعد انتفاضة عام 2011، صارعت الحكومة ضد ارتفاع معدلات البطالة جزئياً بتوظيف مئات الآلاف في الخدمة المدنية. واليوم، يُعدُّ القطاع العام أكبر مقدم للوظائف في البلاد وينفق نصف الميزانية السنوية على رواتب القطاع العام. في الوقت نفسه، تراجع الاستثمار العام والخاص في البنية التحتية وانخفض الإنفاق على البنود المتعلقة بالبحث وتعزيز النمو انخفاضاً كبيراً، الأمر الذي أدى إلى تراجع حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي.

كما أضعفت عوامل خارجية الاقتصاد التونسي. إذ أحدثت جائحة كوفيد-19 انهياراً في السياحة. وفي هذه الأثناء، أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع. وأدى التضخم، ولا سيما في أسعار الأغذية، والنقص في السلع الأساسية إلى تراجع كبير في الأحوال المعيشية للتونسيين.

على هذه الخلفية، ارتفع الدين العام التونسي ارتفاعاً كبيراً، فوصل إلى 90 بالمئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مع الحاجة إلى متطلبات تمويل كبيرة للمحافظة على المستويات الحالية من الإنفاق. وقد خفضت وكالات التصنيف الائتماني البلاد في ظل صراعها لتحقيق التوازن في ميزانيتها. وجرى أحدث تخفيض للتصنيف الائتماني في حزيران/يونيو، عندما خفضت وكالة فيتش تصنيف تونس إلى CCC (أي إلى مكانة الخردة). ونتيجة لذلك، أُغلق باب الوصول إلى الأسواق المالية الدولية فعلياً، بالنظر إلى معدلات الفائدة المرتفعة جداً (أكثر من 20 بالمئة) التي يتطلبها هذا التصنيف السيادي.

في حين تقلَّص العجز في الحساب الجاري وتحسَّنت السيولة بالعملات الأجنبية على مدى الأشهر القليلة الماضية بسبب ارتفاع إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين التونسيين العاملين في الخارج، فإن خدمة الدَين الخارجي ستستمر في تشكيل تحدٍ كبير جداً. ومع اقتراب موعد سداد ديون بقيمة 2.6 مليار دولار في عام 2024 (بما في ذلك سندات باليورو تستحق في شباط/فبراير، تعادل 900 مليون دولار)، ما يزال من غير الواضح كيف ستتمكن الحكومة من تأمين الأموال الكافية للوفاء بهذه الالتزامات. تتوقع مسودة ميزانية عام 2024 الحصول على قروض من الجزائر والسعودية، إضافة إلى مصادر خارجية غير معروفة حتى الآن. 

اتفاقية صندوق النقد الدولي ودور الاتحاد الأوروبي

رغم صعوبات التمويل هذه، فإن تونس لم توقِّع بعد على اتفاقية مع صندوق النقد الدولي. في تشرين الأول/أكتوبر 2022، اتفقت تونس وصندوق النقد الدولي على شروط قرض لمدة 48 شهراً بقيمة 1.9 مليار دولار يهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، لكن سعيِّد رفض الاتفاقية خشية حدوث اضطرابات اجتماعية ناجمة عن تخفيض الدعم الحكومي وتقليص فاتورة رواتب القطاع العام. أجَّل مجلس صندوق النقد الدولي الاتفاقية رداً على ذلك. ومنذ ذلك الحين، ظل الرئيس صامداً في رفضه لما يسميه "إملاءات خارجية" من صندوق النقد الدولي والدول الغربية. 

ضغط الأوروبيون، ولا سيما إيطاليا، على صندوق النقد الدولي لإعادة فتح المفاوضات وقدموا حوافز لإقناع سعيِّد بقبول اتفاقية معدَّلة، رغم انقساماتهم الداخلية حول كيفية التعامل مع تونس. إنهم يمارسون هذا الضغط بشكل رئيسي لأن التداعيات الاقتصادية للتخلف عن سداد الدين من شأنها أن ترفع عدد الأشخاص الذين يغادرون تونس إلى أوروبا، سواء من مواطنيها أو من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء. في حين أن بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل ألمانيا، اتخذت موقفاً منتقداً أكثر لتوجهات قيس سعيِّد الاستبدادية، فإن الهجرة، والمصالح الأمنية والاقتصادية لإيطاليا، وإلى حد ما لفرنسا يبدو أنها انتصرت داخل الاتحاد الأوروبي. 

نظراً لقربها الجغرافي من تونس، فإن إيطاليا ستستقبل الجزء الأكبر من تدفق المهاجرين، على الأقل في البداية. ولهذا السبب، أعادت الحكومة الإيطالية التأكيد على هواجسها بشأن الوضع الاقتصادي لتونس في مناسبات عدة، بينما أحجمت عن التعبير عن أي انتقاد للتحول الاستبدادي على نحو متزايد للبلاد والهجمات العنيفة على المهاجرين من جنوب الصحراء. 

لقد عرض الاتحاد الأوروبي حوافز على تونس للقبول باتفاقية مع صندوق النقد الدولي. بعد أن زارت جورجيا ميلوني ولاحقاً رئيسة المفوضية الأوروبية أوروسلا فون دير لين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روت تونس في حزيران/يونيو، كشفوا عن مساعدة اقتصادية كبرى بقيمة 900 مليون يورو مشروطة بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي و150 مليون يورو للتعاون المشترك بشأن إدارة الحدود وإجراءات مكافحة التهريب لتخفيض الهجرة غير المنظمة إلى أوروبا. 

رغم المغريات التي قدمها الاتحاد الأوروبي، فإن احتمال التوصل إلى اتفاق معدَّل بين تونس وصندوق النقد الدولي تراجع. ففي آب/أغسطس عزل سعيِّد رئيسة الحكومة، نجلاء بودين، التي كانت ضالعة مباشرة في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، واستبدلها بمسؤول متعاون أكثر هو أحمد الحناشي. ومنذ ذلك الحين، لم تقدم تونس مقترحاً معدلاً لصندوق النقد الدولي. في تشرين الأول/أكتوبر، عزز الرئيس موقفه بإقالة وزير الاقتصاد سمير سعيِّد بعد أن ادعى الأخير أن اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي سيبعث برسائل مطمئنة إلى دائني تونس الأجانب. 

كما رفضت تونس جزءاً من الأموال المقدمة من قبل الاتحاد الأوروبي. في 3 تشرين الأول/أكتوبر، رفض سعيِّد أول دفعة من المساعدة المالية التي قدمها الاتحاد الأوروبي، معلناً أن هذا المبلغ "المثير للسخرية" يتعارض مع الاتفاقية الموقَّعة بين الطرفين وكان مجرد "صدقة". إن تداعيات هذا الرفض على باقي الحوافز المالية للاتحاد الأوروبي غير واضحة. 

مفترق طرق

ثمة أسباب واضحة تدفع تونس إلى تأمين قرض من صندوق النقد الدولي. إذ سيبعث ذلك بإشارة مطمئنة لشركاء تونس ودائنيها الأجانب. كما يمكن أن تشجع دول الخليج العربية على تقديم المزيد من الدعم المالي على شكل قروض وإيداعات حكومية لدى المصرف المركزي، والاستثمار في الاقتصاد. من شأن ذلك أن يوفر للحكومة التونسية فسحة للتنفس. لكن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة تحت شروط القرض من شأنه أن يثير احتجاجات ضد الحكومة من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل، وبالمقابل، القمع الحكومي. لإحباط مثل هذا السيناريو، يمكن للرئيس نفسه التحريض على احتجاجات واضطرابات باستعمال خطاب قومي لتحويل صندوق النقد الدولي إلى كبش فداء لأي إجراءات لا تحظى بالشعبية تطلبها الجهة المانحة للقرض.

لكن سيناريو عدم وجود اتفاق سيكون له تداعيات أكثر حدَّة وربما تداعيات كارثية. بوجود القرض، ستجد تونس صعوبة في العثور على مصادر تمويل بديلة لتنفيذ دفعات تسديد الديون الأجنبية المتوقعة. يمكن لسعيِّد عندها أن يلجأ إلى التخلف عن الدفع بسبب التأخر إستراتيجياً عن السداد، ويعقب ذلك مفاوضات لإعادة هيكلة الدين الخارجي للبلاد. يناصر بعض الاقتصاديين التونسيين وداعمي الرئيس هذه المقاربة؛ إذ إنهم يقولون إن إعلان الإفلاس من أجل عدم سداد الديون الخارجية سيسمح للحكومة بوضع خطة لإعادة الهيكلة مع الدائنين، ويجادلون بأن الأثر على الاقتصاد سيكون محدوداً تماماً، وذلك بفضل الضوابط التي تفرضها تونس على رأس المال وضعف انكشاف قطاعها المصرفي على السندات الأجنبية. لكن هذه المقاربة تحمل مخاطر كبيرة، بالنظر إلى أن إعلان الإفلاس من أجل عدم سداد الدين الخارجي يمكن أن يفضي إلى ضغوط على المصارف التونسية وزعزعة استقرار القطاع المالي. إضافة إلى ذلك، يمكن للحكومة أن تنهي استقلال البنك المركزي بالقيام بطباعة العملة، الأمر الذي يغذي تصاعد التضخم.

سياسياً، يمكن للتخلف عن سداد القروض وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية أن يفتح الباب على تصاعد خطير في العنف الاجتماعي والجنائي. كما أن من شأنه أن يعزز الهجرة الخارجية غير المنتظمة مع هرب التونسيين من الفوضى السياسية والاقتصادية المتزايدة. وقد تخرج احتجاجات واسعة النطاق ضد الآثار الاجتماعية الكارثية لسياسة الرئيس الاقتصادية الفاشلة، الأمر الذي سيدفع إلى رد عنيف يستهدف رجال الأعمال والخصوم السياسيين بسبب ارتباطاتهم غير القانونية بالغرب، وكذلك بالدبلوماسيين الغربيين والجالية اليهودية المحلية.

تحقيق التوازن بين الدعم الاقتصادي واحترام الحقوق

في ضوء هذين السيناريوهين المحتملين، ينبغي على الاتحاد الأوروبي وإيطاليا الاستمرار في تشجيع السلطات التونسية على التفاوض مع صندوق النقد الدولي، الذي يبقى الخيار الأقل زعزعة للاستقرار من الناحيتين السياسية والاقتصادية على الطاولة بالنسبة لتونس، إذا نُفِّذ بالعناية اللازمة. في الحد الأدنى، فإن اتفاقية معدَّلة ينبغي أن تشمل تقليص تخفيضات الإنفاق مقارنة بالمقترح الذي قُدِّم أولاً، ولا سيما في سياق دعم الطاقة.

وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تمارس إيطاليا والاتحاد الأوروبي الحذر وتجنب تحويل هواجسهم المفهومة حيال استقرار تونس إلى شيك على بياض للرئيس. بوجه خاص، ينبغي أن يضغطوا على السلطات لكبح جماح الانتهاكات الممارسة ضد المهاجرين وتفادي الهجمات المحتملة ضد سياسيي المعارضة، ورجال الأعمال والجالية اليهودية المحلية. إضافة إلى الاعتبارات الإنسانية، فإن هذا من شأنه أن يسهم في تحقيق الهدف الأوسع لإيطاليا المتمثل في الحد من الهجرة. في المحصلة، فإن الهجمات ضد أقلية من جنوب الصحراء دفعت إلى زيادة الهجرة الخارجية، وهي نزعة ستتسارع إذا أصبح اضطهاد الحكومة أكثر حدة.

وفي حين أن الاتحاد الأوروبي وإيطاليا يدعمان الاتفاق من حيث المبدأ فإن عليهما أيضاً التحضير لاحتمال استمرار تونس في رفضه وإعلان التخلف عن دفع الديون الخارجية. في مثل هذا السيناريو، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعداً لتقديم تمويل طارئ للبلاد للمساعدة في موضوع الواردات والقمح، والأدوية والوقود. وبفعل ذلك، ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن ينسق مواقف الدول الأعضاء لمنع ظهور أجندات متعارضة. لقد ظهرت خطط أصلاً بين بلدان مثل ألمانيا وإيطاليا حول كيفية معالجة تحوُّل تونس نحو الاستبداد. لهذا السبب، فإن الاعتراف بأهمية الاستقرار الداخلي الذي يمكن أن يوفِّر أرضية مشتركة في التغلب على الانقسامات والمساعدة في منع موجة جديدة من العنف المضاد للمهاجرين.

معهد أفاري إنترناسيونالي

إن معهد أفاري إنترناسيونالي معهد خاص ومستقل، وهو مؤسسة خاصة، مستقلة وغير ربحية، أسست عام 1965 بمبادرة من ألتيريو سبينيللي. يسعى معهد أفاري إنترناسيونالي إلى تعزيز الوعي بالسياسات الدولية والإسهام بتحقيق الاندماج الأوروبي والتعاون متعدد الأطراف. ويركز على مواضيع ذات أهمية إستراتيجية مثل الاندماج الأوروبي، والأمن والدفاع، والاقتصاد الدولي والحوكمة العالمية، والطاقة، والمناخ والسياسة الخارجية الإيطالية؛ إضافة إلى ديناميكيات التعاون والصراع في مناطق جغرافية رئيسية مثل البحر المتوسط والشرق الأوسط، وآسيا، وأوراسيا، وأفريقيا والأمريكيتين. ينشر معهد أفاري إنترناسيونالي دورية ربعية باللغة الإنكليزية هي (المُشاهد الدولي)، وهي مجلة على الإنترنت (AffarInternazionali)، وسلسلتي كتب (نزعات ومنظورات في السياسات الدولية والدراسات البحثية للذكاء الطبيعي) والسلاسل المرتبطة بمشاريع أبحاث الذكاء الاصطناعي (Documenti IAI, IAI Papers, etc.).

Contributors

Senior Analyst, Tunisia
Project Director, North Africa
ricfabiani

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.