من أجل تهدئة الاضطرابات، يجب على قادة الولايات المتحدة التوقف عن مغازلة الصراع
من أجل تهدئة الاضطرابات، يجب على قادة الولايات المتحدة التوقف عن مغازلة الصراع
Demonstrators gather along the fence surrounding Lafayette Park outside the White House as protests continue over the death in police custody of George Floyd, in Washington, U.S. on 2 June 2020. REUTERS/Jim Bourg
Statement / United States 11 minutes

من أجل تهدئة الاضطرابات، يجب على قادة الولايات المتحدة التوقف عن مغازلة الصراع

في نهاية أيار/مايو، أرسل مقتل جورج فلويد على أيدي الشرطة موجة من الاضطرابات اكتسحت المدن الأميركية. وبدلاً من تخفيف حدة التوترات، استخدمت إدارة ترامب خطاباً تحريضياً، ودعت وحدات من الجيش إلى واشنطن وهددت بإرسالها إلى أماكن أخرى. يجب أن تكون الغلبة في هذا المشهد للعقول الأكثر رويّة.

على مدى أكثر من أسبوع، شاهد العالم الجراح الأعمق للولايات المتحدة التي أصابها بها الإرث الذي لم يعالج ولم يُشفَ للعبودية وينكؤه الظلم العنصري المستمر الذي تفجر في غضب وعنف علنيين. إذ أطلق قتل الشرطة لجورج فلويد، الرجل الأميركي الأفريقي غير المسلح، في مينيابوليس، اجتاحت مينيسوتا موجة من الاحتجاجات وصلت فعلياً إلى جميع أركان البلاد، فحدثت أعمال شغب ونهب في العديد من المدن الكبرى. وكشفت الأزمة عن الانقسامات السياسية بشكل واضح وجلي للجميع. ففي بعض الولايات والمدن، على الأقل لبعض الوقت، سعى بعض القادة المحليين والمسؤولين الأمنيين إلى تخفيف حدة التوترات من خلال مزيج من الحزم والتعاطف. لكن في العديد من الحالات الأخرى، تحركت الشرطة المحلية لتفريق المظاهرات باستخدام القوة المفرطة. في واشنطن، بدا أن القادة السياسيين والأمنيين للدولة يراهنون على رد ثقيل الوطأة، فشبهوا المدن الأميركية "بميدان المعركة" وهددوا باتخاذ إجراءات عسكرية إذا لم تقم السلطات المحلية بقمع الاضطرابات. على المدى البعيد، سيترتب على الدولة اتخاذ خطوات لوضع حد لوحشية الشرطة وعسكرتها وأيضاً إنهاء حالة انعدام المساواة العنصرية البنيوية إذا أرادت تحاشي وقوع أزمات مستقبلية مماثلة. لكن في الوقت الحاضر، ما ينبغي على قيادة البلاد أن تفعله هو الإصرار على إحضار أولئك المسؤولين عن مقتل فلويد أمام العدالة، ودعم المسؤولين المحليين وقادة المجتمعات المحلية الذين يدعون إلى الهدوء والإصلاح، والتخلي عن الخطاب الحربي والتوقف عن مفاقمة الوضع السيء.

بدأت المشاكل في وقت مبكر من صباح يوم 25 أيار/مايو، "يوم الذكرى"، وهي عطلة تعامَل على أنها البداية غير الرسمية للصيف في سائر أنحاء الولايات المتحدة. جرى توقيف فلويد، البالغ من العمر 46 عاماً والذي كان يدعو إلى اللاعنف على وسائط التواصل الاجتماعي، من قبل الشرطة خارج محل بقالة في مينيابوليس. قال العاملون في المحل أن فلويد كان قد اشترى السجائر بورقة نقدية مزورة من فئة 20 دولاراً. وصورت كاميرات المراقبة والهواتف الخليوية للمارة ما حدث بعد ذلك. فبعد صراع قصير، أخضع رجال الشرطة فلويد غير المسلح وألقوه أرضاً، ودفن أحد رجال الشرطة ركبته في عنق الرجل لنحو تسع دقائق – حتى بعد أن اشتكى، على الأقل 16 مرة، أنه لم يعد يستطيع التنفس، وحتى بعد أن فقد الوعي. في وقت لاحق من ذلك الصباح، أعلن مستشفى محلي عن وفاته. في الأيام التي تلت، ومع انتشار صور مقتل فلويد على وسائط التواصل الاجتماعي انفجرت أجزاء من مينيابوليس، وانتشر الغضب.

عبّر بعض المراقبين عن صدمتهم من قوة رد الفعل في مينيابوليس والذي شهد قيام مجموعة غاضبة بإحراق مركز للشرطة في الدائرة إلى أن سوّته بالأرض. إلا أن تلك كانت البداية وحسب؛ فقد اندفع المتظاهرون إلى الشوارع في 140 مدينة في سائر أنحاء البلاد، وسُجلت تجمعات في جميع الولايات الخمسين. وشملت بشكل رئيسي متظاهرين سلميين، لكن بعض المناطق شهدت خروج مشاغبين لديهم مخططات أكثر عنفاً وأشخاصاً مارسوا أعمال النهب. في بعض المدن، كما حدث في أجزاء من نيويورك، حل محل المظاهرات السلمية عموماً التي ملأت الشوارع خلال النهار مشاهد نهب وتدمير بعد هبوط الليل. وشوّهت الحشود مقر شبكة سي. إن. إن الرئيسي في أتلانتا، وحطمت واجهات المحلات التجارية في شوارع التسوق الراقية في شيكاغو، ونيويورك وواشنطن.

كما حدثت مواجهات بين المتظاهرين والشرطة. ففي 30 أيار/مايو، اندفع المتظاهرون في عاصمة البلاد ضد صفوف الشرطة في حديقة لافاييت أمام البيت الأبيض. وسواء كان ذلك لمبررات منطقية أو لا، فإن جهاز الخدمة السرية أحس بالخطر عند لحظة معينة ذلك المساء إلى درجة اصطحاب الرئيس دونالد ترامب إلى قبو تحت الأرض. تفاوتت ردود الشرطة بشكل واسع على نطاق البلاد، حيث أظهرت بعض القوات الانضباط وضبط النفس (خلع أحد مسؤولي الشرطة في ميشيغان المعدات الواقية التي كان يرتديها ومشى إلى جانب المتظاهرين) واستخدمت قوات أخرى قوة مفرطة غير مبررة ضد المتظاهرين والصحفيين.

وتجسدت الانقسامات السياسية في البلاد على ألسنة القادة المدنيين. فبعضهم مثل رئيسة بلدية أتلانتا كيشا لانس بوتومز ومغني الراب كيلر مايك، كانوا متوازنين – حيث أصر كلاهما على ضرورة إجراء الإصلاحات لمعالجة الألم العميق والظلم الذي تحمله الأميركيون الأفارقة وحثوا المتظاهرين على أن يكونوا سلميين. آخرون، خصوصاً القادة المحافظين مثل الرئيس ترامب والنائب العام وليم بار، حثوا الشرطة المحلية على أن تكون "أكثر شدة" وأكدوا على دور المجموعات الإنسانية المتطرفة والفوضويين في إثارة الاضطرابات. وأشاروا على نحو خاص إلى منظمة "أنتيفا" (وهي عبارة باتت تختصر جماعة غير متجانسة من النشطاء "المعادين للفاشية")، والتي هدد ترامب بتصنيفها منظمة إرهابية، رغم أن القانون الأميركي لا يعطيه مثل تلك الصلاحية.

The trouble started on 25 May, Memorial Day, a holiday treated as the unofficial beginning of summer across the United States. Floyd, a 46-year-old who had preached non-violence on social media, was apprehended by police outside a convenience store in Minneapolis. The store clerks said Floyd had purchased cigarettes with a counterfeit $20 bill. Surveillance cameras and onlooker cell phones captured what happened next. After a brief struggle, the police subdued and pinned the unarmed Floyd to the ground, with an officer’s knee buried in his neck for nearly nine minutes – even after he complained, at least sixteen times, that he could not breathe, and even after he lost consciousness. Later that day, a local hospital pronounced him dead. In the coming days, as images of Floyd’s killing went viral, parts of Minneapolis exploded, and the outrage spread.

Some observers expressed shock at the force of the reaction in Minneapolis, which saw a furious crowd burn a police precinct house to the ground. But that was just the beginning. Marchers surged into the streets in 140 cities across the country, with gatherings recorded in all 50 states. They included mainly peaceful protesters, but in some places also rioters with more violent designs and looters. In some cities, such as parts of New York, the largely peaceful demonstrations that filled the streets during the day were replaced by scenes of looting and destruction after nightfall. Crowds defaced CNN’s corporate headquarters in Atlanta, and smashed storefronts on posh shopping streets in Chicago, New York and Washington.

There were also confrontations between protesters and police. On 30 May, protesters in the nation’s capital pushed up against police lines in Lafayette Park in front of the White House. Whether for good reason or not, the Secret Service was sufficiently rattled at one point that evening that agents ushered President Donald J. Trump to an underground bunker. Police responses varied widely around the country – with some forces showing discipline and restraint (one Michigan sheriff dropped his protective gear and walked alongside the marchers) and others using indefensibly heavy force against protesters and journalists.

The nation’s fractured politics played out in the words of its civic leaders. Some, like Atlanta Mayor Keisha Lance Bottoms and rapper Killer Mike, struck a balance – both insisting on reforms to address the deep pain and injustice borne by the African American community and urging protesters to be peaceful. Others, particularly conservative leaders like President Trump and Attorney General William Barr, urged local police to be “much tougher” and emphasised the role of radical left-wing groups and anarchists in fomenting the unrest. They singled out Antifa (a phrase that has become shorthand for an amorphous grouping of “anti-fascist” activists), which Trump threatened to designate as a terrorist organisation, even though U.S. law affords him no such power.

قد يكون التطور السياسي الصادم هو الميل المتزايد في أوساط بعض المسؤولين البارزين المنتخبين والأمنيين لتصوير الاضطرابات المدنية مستخدمين لغة الصراع المسلح.

لكن فيما يتجاوز الخطاب المنقسم على مستوى القادة، فإن التطور السياسي الصادم مع وصول الاحتجاجات إلى نهاية الأسبوع تمثل في الميل المتزايد في أوساط بعض المسؤولين البارزين المنتخبين والأمنيين لتصوير الاضطرابات المدنية مستخدمين لغة الصراع المسلح. ففي 1 حزيران/يونيو فقط وصف عضو الكونغرس مات غيتز المتظاهرين "بالإرهابيين" وحث على قتلهم كما يحدث ... في الشرق الأوسط"؛ وغرّد السيناتور توم كوتون بأنه "لا ينبغي أن يكون هناك مكان لدعاة العصيان، والفوضويين والمشاغبين والنهابين"؛ وحث وزير الدفاع مايك إسبر حكام الولايات على "السيطرة على ميدان المعركة" في مدنهم. اجتذب توصيف إسبر (الذي تراجع عنه لاحقاً) توبيخاً قاسياً من بعض ضباط الجيش المتقاعدين. فالجنرال المتقاعد مارتن دمبسي، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، غرد قائلاً، "أميركا ليست ميدان معركة. ومواطنونا ليسوا العدو".

لكن لم يكن واضحاً أن مسؤولي الإدارة يعتزمون الإصغاء إلى هذا التحذير. ففي مساء 1 حزيران/يونيو، خاطب الرئيس ترامب الأمة من حديقة الورود في البيت الأبيض، وهدد بإرسال "الآلاف والآلاف من الجنود المسلحين تسليحاً ثقيلاً والطواقم العسكرية" للحفاظ على السلم في المدن الأميركية، وألمح إلى أنه قد يفعل ذلك رغم اعتراض مسؤولي الدولة الذين كان في وقت سابق من اليوم قد وبخهم ووصفهم بالـ "ضعفاء". من حيث القانون والسوابق، فإنه قد يكون قادراً على فعل ذلك؛ إذ يقول بعض الباحثين القانونيين إن صلاحيات واسعة (بما فيها قانون العصيان لعام 1807) يمكن، وفي ظل ظروف معينة، أن تسمح للرئيس باستخدام قوات الحرس الوطني – التي تتلقى أوامرها عادة من حكام الولايات – ونشرها، وأيضاً نشر الطواقم العسكرية العاملة لقمع الاضطرابات.

بعد ملاحظات ترامب في حديقة الورود بقليل، أطلقت قوات الأمن القنابل الدخانية والرصاص المطاطي لتفريق تجمع للمتظاهرين السلميين للسماح للرئيس بالمشي عبر حديقة لافاييت مع وزير الدفاع إسبر والجنرال مارك أ. ميلي، الرئيس الحالي لهيئة الأركان المشتركة، للوقوف أمام كنيسة القديس جون الموقر الأسقفية، التي كان قبوها قد أحرق في أعمال شغب سابقة. في وقت لاحق من المساء، التقطت صورة للجنرال ميلي، الذي كان الرئيس قد أعلن أنه سيكون "مسؤولاً" عن إدارة الأزمة، بلباس المعركة، وهو يجري تقييماً للوجود العسكري الذي كان قد استدعي لتسيير دوريات في شوارع وسط واشنطن. في 2 حزيران/يونيو، أعلن البيت الأبيض أن نحو 1,600 جندي إضافي، بما في ذلك إحدى قوات الرد السريع المناوبة في الجيش والشرطة العسكرية، سيتم إرسالها إلى منطقة العاصمة.

ردود الفعل الدولية كانت سريعة وقوية؛ وقد تراوحت بين مظاهرات معادية للعنصرية في سيدني، وباريس وأماكن أخرى ورسم لوحة جدارية لجورج فلويد في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة. وكان هناك تصريح للأمين العام للأمم المتحدة، في حين أن مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، أصدرت بياناً قوياً تدين فيه "هذا الحادث الأخير في سلسلة طويلة من عمليات قتل الأميركيين الأفارقة غير المسلحين"، ودعت سلطات الولايات المتحدة إلى "اتخاذ إجراء جدي لوقف عمليات القتل تلك، وضمان تحقيق العدالة عندما تحدث"؛ وأشارت إلى "الدور الذي يلعبه التمييز العنصري المستشري والراسخ في عمليات القتل". حلفاء الولايات المتحدة المقربون عبروا عن تذمرهم من قيام ترامب "بصب الزيت على النار" وأدانوا مقتل فلويد بوصفه "إساءة استعمال للسلطة"، بينما سارع خصومها إلى استغلال الوضع للإشارة إلى نفاق الولايات المتحدة. فالقائد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي، وجد تشابهاً بين التعامل مع فلويد على أيدي الشرطة وأعمال الولايات المتحدة في الخارج، قائلاً: "الجريمة التي ارتكبت ضد هذا الرجل الأسود هي نفسها التي ترتكبها الولايات المتحدة ضد العالم بأسره". والنتيجة المحتومة هي المزيد من التقويض للمكانة والمصداقية العالمية للولايات المتحدة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإدانة القمع والوحشية اللذان ترتكبهما حكومات أخرى.

مهما كان ما سيحدث تالياً، ينبغي على صناع السياسات الأميركيين عدم السماح للفوضى أو المشاهد المثيرة بحجب أصول أحداث الأسبوع. لقد أثار مقتل جورج فلويد عاصفة نارية من الاحتجاج والعنف جزئياً لأنه وجد قدراً كبيراً من البارود الجاف. فالولايات المتحدة لم تتمكن على نحو كافٍ من تسوية الإرث المريع لقرنين ونصف القرن من الرق والعبودية. كما أنها لم تعالج ولم تقضِ على العنف والعنصرية المؤسسيين نحو الأميركيين الأفارقة اللذين توطدا بعد تحريريهم في ستينيات القرن التاسع عشر. ما يزال هناك ملايين الأميركيين الذين نشأوا في ظل نظام جيم كرو للفصل العنصري الذي رسخه الحكم سيء الصيت الذي أصدرته المحكمة العليا عام 1896 (والذي نقض لاحقاً) بالسماح بوجود مرافق منفصلة عنصرياً لكن متساوية ظاهرياً بموجب الدستور. كانت فترة جيم كرو حافلة بعمليات الإعدام، التي تقوم فيها مجموعات من الرعاع البيض بقتل أشخاص سود لترويع السود الآخرين. الأميركيون الأفارقة الذين ولدوا بعد تفكيك جيم كرو خلال حقبة الحقوق المدنية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين عاشوا رغم ذلك مع حالات انعدام المساواة البنيوية الصارخة؛ مثل الوصول غير المتساوي إلى التعليم، والتوظيف، والسكن، والرعاية الصحية، والتغذية والحماية في ظل القانون.

على هذه الخلفية، فإن وحشية الشرطة حيال الرجال والنساء السود كانت ولا تزال مشكلة مزمنة ومصدراً متكرراً لعدم الاستقرار في المدن الأميركية. في نيسان/أبريل وأيار/مايو 1992، أطلق عدم إدانة أربعة من رجال شرطة لوس أنجلوس الذين حوكموا بسبب قيامهم بضرب رودني كينغ بوحشية ستة أيام من العنف أدت إلى مقتل 60 شخصاً. وفي آب/أغسطس 2014، أدى مقتل مايكل براون على أيدي رجال الشرطة في فيرغسون، ميزوري إلى عشرة أيام من الاضطرابات، شهدت متظاهرين في مواجهة رجال شرطة يحملون عتاداً عسكرياً حصلوا عليه من برنامج برعاية البنتاغون. وفي نيسان/أبريل 2015، تسببت وفاة فريدي غري جراء إصابات جرحية تلقاها بينما

على هذه الخلفية، فإن وحشية الشرطة حيال الرجال والنساء السود كانت ولا تزال مشكلة مزمنة ومصدراً متكرراً لعدم الاستقرار في المدن الأميركية.

في السياق الحالي، أتى مقتل جورج فلويد في وقت كانت ما تزال ذكريات عمليات قتل أخرى حية في الأذهان. فقبل أسابيع فقط من مقتل فلويد، ظهر شريط فيديو يصور رجلاً أميركياً أفريقياً هو أحمود أربري، وهو يلاحَق ويُقتل من قبل رجلين من البيض بينما كان يمارس رياضة الجري في حي في إحدى ضواحي جنوب جورجيا. وفي منتصف آذار/مارس، قام رجل شرطة يتصرف بناء على إذن غير قانوني بالاعتقال في لويفيل، كنتاكي، بكسر باب بريونا تيلر، وهي عاملة أميركية أفريقية طبية في قسم الطوارئ. وفي العراك الذي نشأ خلال العملية، أطلقوا النار عليها ثمان مرات وقتلوها في منزلها. وحتى الآن، لم يوجه الاتهام لأحد بقتلها.

كما أن الذكريات ما تزال حية عن أشكال من الاحتجاج سعت إلى جذب الانتباه إلى عنف الشرطة ضد الأميركيين الأفارقة دون الخروج إلى الشوارع. فقد لاحظ بعض المعلقين كيف أن القادة السياسيين أمطروا اللاعب كولن كابرنيك بالسخرية والازدراء لمحاولته فعل ذلك من خلال الركوع خلال عزف النشيد الوطني. وفي عام 2017، تعمد نائب الرئيس مايك بنس الخروج من الملعب أثناء مباراة للرابطة الوطنية لكرة القدم عندما ركع كابرنيك وعدد من اللاعبين الآخرين خلال عزف النشيد الوطني. ترامب قال لاحقاً إن الرياضيين الذين يعبرون عن هذا النوع من المعارضة "ربما لا ينبغي أن يكونوا في البلاد".

في غياب إصلاحات جوهرية، سيظل عنف الشرطة مصدراً للانقسام وعدم الاستقرار في الولايات المتحدة.

لكن لا يمكن تجاهل قضية عنف الشرطة بسهولة. في الواقع، فإن ما تظهره الاحتجاجات الحالية هو أنه في غياب إصلاحات جوهرية، سيظل عنف الشرطة مصدراً للانقسام وعدم الاستقرار في الولايات المتحدة. فكلما كانت حكومة الولايات المتحدة قادرة على تبني بعض الأفكار التي قدمت في هذا الصدد – سواء عبر تشكيل فريق وطني لوضع تشريع يعزز المساءلة التي تخضع لها الشرطة، أو اتخاذ خطوات لتقييد الحالات والكيفية التي تستطيع الشرطة فيها استعمال القوة، وتسهيل عملية طرد رجال الشرطة الذين لا يلتزمون، أو تنشيط دور قسم الحقوق المدنية في وزارة العدل – كلما اقتنع المتظاهرون أن السلطات تأخذ أخيراً مظالمهم على محمل الجد. ومن المهم على نحو خاص أن تظهر السلطات بشكل عاجل أنها تتخذ جميع الخطوات المعقولة لضمان تحقيق العدالة في قضية جورج فلويد. وقد كان قرار النائب العام في مينيسوتا في 3 حزيران/يونيو بتوجيه الاتهام إلى جميع عناصر الشرطة الأربعة الضالعين في وفاة فلويد، ورفع درجة الاتهام للشرطي الذي قاد العملية إلى القتل من الدرجة الثانية، بداية جيدة.

وقد يكون الأمر الأكثر إلحاحاً هو أن يتوقف قادة البلاد عن زيادة الوضع سوءاً. على مدى ربع القرن الماضي، حللت مجموعة الأزمات الصراعات والأزمات في سائر أنحاء العالم، وتعلمت بعض الدروس خلال هذه العملية حول ما ينبغي ولا ينبغي فعله في تسوية الأزمات. للأسف، فإن القيادة الحالية في واشنطن تستخدم جزءاً كبيراً من بنود قائمة "ما لا ينبغي فعله" – أي اتخاذ إجراءات وإطلاق بيانات ينبغي تحاشيها إذا كان الهدف تخفيف حدة التوترات بدلاً من مفاقمتها. ينبغي على إدارة ترامب وحلفائها في الكونغرس التخلص من الخطاب التحريضي الذي يشي بالهلع والذي يوحي بأن الولايات المتحدة في صراع مسلح مع شعبها، أو أن فصيلاً سياسياً معيناً هو العدو، كي لا تتجرأ قوات الأمن على استهداف أفراد هذا الفصيل على أنهم مقاتلين. وبدلاً من شيطنة الصحفيين، الذين هوجموا في عدة حالات واعتقلوا من قبل الشرطة التي يحاولون وضعها موضع المساءلة، ينبغي على القادة السياسيين التأكيد على أن وجود صحافة متيقظة يشكل دعامة من دعامات الديمقراطية والاستقرار في الولايات المتحدة. وفي حين ينبغي على السلطات الوطنية دعم الأعمال الشرطية الحازمة والمسؤولة عند الضرورة لوضع حد للنهب ليلاً والمستمر في بعض المواقع، فإنها ينبغي أيضاً أن تكون مثالاً يحتذى للشرطة المحلية عبر الاعتذار عما حدث خارج البيت الأبيض في 1 حزيران/يونيو والقول صراحة إن أي قوة أمنية لن تستخدم أبداً هذه التكتيكات ضد المتظاهرين السلميين.

قد يكون الأمر الأكثر إلحاحاً هو أن يتوقف قادة البلاد عن زيادة الوضع سوءاً.

لا شك أن بعض القادة المحليين وبعض المسؤولين الأمنيين ضربوا المثال الصحيح. لكن الفائدة المتحققة من هذه القيادة قد تتبدد إذا استمر الرئيس ترامب، على النهاية الأخرى من الطيف، ربما اعتقاداً منه باستغلال ذلك سياسياً مع اقتراب انتخابات 2020 – في بعث رسالة تتمثل في الغضب، وعدم التسامح والإحباط، ولم يعلن عن أي إجراء لإظهار التزام حقيقي على الأقل ببعض الإصلاحات التي طال أمد انتظارها. وقد يكون السيناريو الأسوأ هو إذا صعّد التوترات باستحضار قانون العصيان والمضي في تهديداته الكاسحة بنشر الجيش الأميركي – وهو تحرك حتى وزير الدفاع إسبر قال علناً إنه لا يشجعه. ينبغي الاحتفاظ بذلك لأكثر الظروف استثنائية. في تصريح قوي في 3 حزيران/يونيو، انتقد وزير الدفاع السابق الجنرال جيمس ماتيس ترامب بسبب "عسكرة استجابتنا" لاضطرابات الأسبوع وإقامة "صراع – زائف – بين الجيش والمجتمع المدني". منذ استلامه مهام منصبه في عام 2017، عبّر ترامب كثيراً عن رغبته بسحب الولايات المتحدة من الحروب في الخارج. والآن ينبغي أن يفعل ما في وسعه كي لا يتصرف وكأنه يريد حرباً في الداخل.

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.