الخطر المتنامي في كابول
الخطر المتنامي في كابول
The Taliban’s Neighbourhood and Regional Diplomacy with Afghanistan (Online Event, 5 March 2024)
The Taliban’s Neighbourhood and Regional Diplomacy with Afghanistan (Online Event, 5 March 2024)
Op-Ed / Asia 3 minutes

الخطر المتنامي في كابول

جاء الهجوم المميت على فندق انتركونتيننتال في كابول ليل الثلاثاء الماضي في الوقت المناسب ليذكر بمدى هشاشة الوضع حتى بعد مرور عقد من الزمن منذ دخول القوات الأمريكية أفغانستان. من سائقي سيارات الأجرة إلى البرامج التلفزيونية، تضج كابول بأنباء هجوم طالبان على العاصمة. إذ قام الهجوم العنيف على الفندق الأشبه بقلعة بإلقاء الضوء على تخوف متعاظم في أرجاء البلاد بأنه ما هي إلا مسألة وقت قبل أن تنزلق أفغانستان في براثن الحرب الأهلية من جديد

مع إعلان البيت الأبيض الأسبوع الماضي عن خطط الإدارة لسحب 33 ألف جندي أمريكي بحلول سبتمبر عام 2012، يبدو أن الحرب التي طال أجلها قد دخلت عامها الأخير بالنسبة للأمريكيين. غير أن معظم الأفغان يدركون أن القتال سيستمر لزمن طويل بعد مغادرة القوات الأجنبية، كما أنهم يدركون أن خطط نقل السيطرة الأمنية بشكل كامل إلى القوات الأفغانية ما هي إلا مجرد إيهام لإراحة الأمريكيين سياسياً

وقد أظهر المتمردون تصميما مذهلا على فضح ضعف الحكومة الأفغانية منذ إعلان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في أواخر شهر مارس الماضي عن خطته لبدء الانتقال الأمني ​​في العاصمة وست مناطق أخرى في البلاد للسيطرة الأفغانية قبل يوليو من هذا العام. ولكن منذ ذلك التصريح، قتل نحو خمسون شخصا على الأقل وأصيب العشرات بجروح جراء هجمات شنها متمردين في أربعة من أصل سبع مناطق اختيرت للعملية الانتقالية الشهر المقبل. كان الهجوم الأخير على فندق إنتركونتيننتال ضربة إستراتيجية، إذ أنه وقع قبيل ساعات فقط من موعد انعقاد مؤتمر لحكام المقاطعات الأفغانية بشأن خطة الانتقال. لا يزال التحقيق في الهجوم جاريا ولكن نظرا لنمط الهجمات السابقة في العاصمة، لا يمكن استبعاد تمكن المنفذين المسلحين من تمرير أسلحتهم عبر نقاط التفتيش الأمنية بفضل رشاً تلقاها بعض أعضاء الحكومة

يمكن لمسئولي حلف الناتو أن يقولوا ما يشاؤون عن علامات إحراز تقدم، ولكن الحقيقة تبقى أنه فيما تستعد كابول لعملية الانتقال إلى السيطرة الأفغانية خلال بضعة أسابيع فقط، لم تبدو الحكومة أكثر ضعف مما هي عليه اليوم. ويدفع الهجوم في قلب العاصمة الأفغانية إلى التساؤل عما إذا كان الوقت حان بالفعل لإجراء مفاوضات مع طالبان؟

ليس ثمة من هو أكثر قلقا بشأن إيجاد إجابة لهذا السؤال من المواطن الأفغاني. ففي حين أن الرغبة في وضع حد للصراع حقيقية، إلا أنه يعادلها خوف حقيقي ومتفشي من عودة طالبان للسلطة. هناك تصور سائد بأنه لمحاولة كرزاي اليائسة للبقاء في كرسي السلطة فهو مستعد للتعامل مع الجهاديين المتشددين حتى ولو أدى ذلك إلى انهيار البلاد. بدء العديد، وهم محقون في ذلك، بالتساؤل عن المنطق وراء عقد صفقات مع المتمردين الذين يبدون مصممين على قتل المدنيين دون عقاب وإرجاع عقارب التقدم الضئيل الذي تم إحرازه في البلاد إلى الوراء. وعلاوة على ذلك، كيف يمكن لأحد أن يتوقع من طالبان أن تستجيب لمطالب الحكومة باحترام الدستور الأفغاني في حين لا يظهر الرئيس نفسه أي احترام لسيادة القانون؟

تغذي انتهكات كارازي المتكررة لحرمة المؤسسات الديمقراطية القوى الكامنة وراء الأحداث الأخيرة في أفغانستان بقدر ما تغذيها شهية حاشيته التي لا يمكن إشباعها اللاهثة وراء الربح من اقتصاد مبني كليا على الحرب. وحتى بعد الشروع في الاستعدادات للمرحلة الانتقالية الأمنية، يبدو النظامان السياسي والاقتصادي في البلاد على شفا الانهيار. أما  قرار محكمة الانتخابات الخاصة  بإقالة 62 من أصل 249 نائباً منتخبا على خلفية الجدال الذي طال أمده بشأن الانتخابات التي شابتها أعمال تزوير سبتمبر الماضي فقد أثار أزمة دستورية ذات أبعاد أسطورية

وفي هذه الأثناء تستعد كابول برمتها لانهيار وشيك فيما تستمر المجابهة الدائرة بين صندوق النقد الدولي والحكومة الأفغانية بشأن الإصلاحات المصرفية الضرورية في ظل استمرار أزمة "بنك كابول". ولكن لا يزال تدفق المليارات من المساعدات الدولية والضمانات الجوفاء من كل من واشنطن وبروكسل مستمرا

على بعد أقل من 30 كيلومترا من العاصمة، لا يزال الوجود الحكومي منخفضا نسبيا ، فالمحافظات الواقعة على حدود كابول حيث يعيش خمس سكان البلاد غير آمنة. اكتسب كل من طالبان والحزب الإسلامي ومقاتلي جماعة سراج الدين حقاني زخما في قلب أفغانستان من خلال تنصيب حكومات الظل وشن حملات اغتيالات فيما يقومون باستمالة مسئولي الحكومات المحلية اللاهثين وراء نصيبهم من اقتصاد الحرب. وبالإضافة إلى الرواتب والمكافآت التي تتلقاها طالبان من قادة المتمردين في باكستان، استفادت طالبان وغيرها من حركات التمرد بشكل كبير من الفساد المستفحل في وكالات الأمن الأفغانية التي سمحت للمتمردين بالتسلل داخل وحدات الشرطة والجيش في المقاطعات الشرقية في وسط البلاد ككابول وغازني وغمان وانتزاع الملايين من الدولارات من المقاولين الأفغان والدوليين الموكلين حماية خط إمدادات حلف شمال الأطلسي. ستتطلب إزالة الدوافع الفاسدة التي تغذي الصراع أكثر من مجرد عقد مؤتمرات وإصدار خطط إستراتيجية. ستزداد العملية الانتقالية فوضويةً ما لم يتم تحقيق توازن أفضل بين شن أعمال عسكرية ضد التمرد في الجنوب ومواجهة الأسباب الجذرية للتمرد في كابول. إذ يشكل الفساد والانفلات الأمني ووجود حكومة متوحشة المحرك الأساسي للنزاع. وإذا أراد كرزاي لحكومته أن تبقى على قيد الحياة ما بعد عام 2014 سيكون من الأفضل له أن يكرس وقت أقل لعقد الصفقات وقت أطول لإعطاء الأولوية لسيادة القانون

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.