The rooftop of former ISIS leader Abu Ibrahim Al-Qurashi following a U.S. raid in February 2022.
The rooftop of former ISIS leader Abu Ibrahim Al-Qurashi following a U.S. raid in February 2022. CRISIS GROUP / Gregory Waters
Report / Middle East & North Africa 20+ minutes

احتواء الجهاديين العابرين للحدود في شمال غرب سورية

تتعامل المعارضة المسلحة التي تسيطر على شمال شرق سورية بشدة مع خلايا تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها لم تقضِ عليها تماماً. إن أفضل طريقة لمنع الجهاديين من العودة إلى النشاط تتمثل في تعزيز وقف إطلاق النار في المنطقة. كما يمكن للقوى الخارجية أن تساعد من خلال إرسال المزيد من المساعدات الإنسانية.
 
  • Share
  • حفظ
  • الطباعة
  • Download PDF Full Report

ما الجديد؟ أنقذ وقف إطلاق النار المستمر منذ ثلاث سنوات في إدلب التي تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة حياة عدد لا يحصى من الناس وسمح لمجموعة المعارضة المسلحة الرئيسية، هيئة تحرير الشام، بتحويل جهودها من محاربة النظام إلى تفكيك تنظيم الدولة الإسلامية والخلايا الجهادية الأخرى. إلا أن انعدام اليقين بشأن السياسة التركية حيال سورية قد يهدد السلام النسبي ويعيق أعمال الإغاثة الإنسانية.

ما أهمية ذلك؟ بالنظر إلى أن الوجود العسكري التركي أساسي للمحافظة على وقف إطلاق النار في إدلب، فإن تحولاً في هذه السياسة من شأنه أن يسمح لتنظيم الدولة الإسلامية والمجموعات الجهادية الأخرى بالعودة إلى النشاط، مما سيخلق صراعاً جديداً ويعرض للخطر على نحو خاص الاستجابة الدولية للهزات الأرضية التي وقعت في 6 شباط/فبراير والتي دمرت أجزاء من شمال سورية وتسببت في عملية نزوح كبيرة جديدة.

ما الذي ينبغي فعله؟ ينبغي أن تعمل تركيا على تعزيز وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2020. ويتعين على الحكومات الغربية دعم تلك الجهود والبناء على ثلاث سنوات من الهدوء النسبي لتعزيز المساعدات الإنسانية. كما يترتب عليها استكشاف إمكانية فتح قنوات اتصال مع هيئة تحرير الشام من أجل التوصل إلى فهم أفضل للتهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية والمقاتلين العابرين للحدود في شمال غرب سورية.

الملخص التنفيذي

يشعر القادة الغربيون بالقلق من أن إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة في شمال غرب سورية ما تزال تشكل قاعدة عمليات للجهاديين العابرين للحدود. ويصف بعض المسؤولين الأميركيين المنطقة بأنها أكبر ملاذ آمن في العالم للقاعدة؛ ويشك آخرون بوجود تواطؤ بين هيئة تحرير الشام، التي كانت تابعة للقاعدة سابقاً والتي تحكم إدلب، وتنظيم الدولة الإسلامية، ولا سيما بعد قيام الولايات المتحدة بقتل زعيم التنظيم أبو إبراهيم الهاشمي القرشي في مخبئه في إدلب في شباط/فبراير 2022. في الواقع، فإن هيئة تحرير الشام قد تخلت عن الجهاد العابر للحدود، ولاحقت خلايا تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة، وأخضعت معظم الجهاديين الآخرين. وما يزال تنظيم الدولة صامداً في إدلب فقط لأن هيئة تحرير الشام تفتقد إلى القدرة على سحقه تماماً. لمنع التنظيم من العودة إلى الظهور إذا تغيرت الظروف، ينبغي على القوى الأجنبية أن تساند الجهود التركية للمحافظة على وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه عام 2020 وتوفير المزيد من المساعدات  للإقليم. كما يمكن لفتح قنوات التواصل مع هيئة تحرير الشام أن يعمق المعرفة بأنشطة تنظيم الدولة، ويحسن الاستجابة الإنسانية لحالات الطوارئ، مثل الهزات الأرضية التي وقعت في 6 شباط/فبراير2023 عبر الحدود التركية.

لقد قمعت هيئة تحرير الشام خصومها في إدلب بشكل رئيسي من أجل المحافظة على بقائها وهيمنتها في المحافظة. وتتمثل أولويتها في إحباط المزيد من هجمات النظام، التي باتت، مع الدعم الجوي الروسي، تهدد  حكم الأمر الواقع الذي تفرضه. وقف إطلاق النار، الذي تم التفاوض عليه في آذار/مارس 2020 بين روسيا وتركيا، إضافة إلى نشر قوات تركية، أوقف تلك الهجمات، الأمر الذي منح هيئة تحرير الشام المجال للتحرك ضد المجموعات التي تتحدى هيمنتها. وقد تعاملت بقسوة مع أي مجموعة تتحدى وقف إطلاق النار أو حظرها للعمليات في الخارج أو ضد القوات التركية في إدلب. إذ إن الهجمات التي يمكن أن تشنها جماعات غير مرتبطة بها على المواقع الروسية أو مواقع النظام يمكن أن تتسبب في ردود انتقامية من دمشق وموسكو، تكلّف هيئة تحرير الشام سيطرتها على إدلب. كما أن السماح للجهاديين بالتخطيط لعمليات خارجية من إدلب سيلحق الضرر بمحاولات هيئة تحرير الشام تأمين المساعدات للمحافظة وإعادة تقديم نفسها بصفتها شريكاً مفاوضاً يمكن الركون إليه. كما يمكن لتلك العمليات أن تتسبب في توتر علاقات حيوية، ولو هشة، تربطها بتركيا، الطرف الضامن لوقف إطلاق النار بحكم الأمر الواقع، كما يمكن أن تتسبب في ضربات وعقوبات غربية.

حتى الآن، يبدو أن هيئة تحرير الشام سحقت معظم المجموعات الجهادية في إدلب التي رفضت الاستسلام لقيادتها وقواعدها. وعلى نحو مماثل، فإن أجهزتها الأمنية نجحت غالباً في تفكيك الخلايا النشطة لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة والحد من المزيد من تسلل الجهاديين. لكن ما يزال هناك فجوات. وهي تشمل تقلب الوضع العسكري في إدلب وحولها، وعدم كفاية الدعم الإنساني الدولي، والتحركات المستمرة للمهجرين إلى المنطقة وسائر أنحائها. وقد استغل تنظيم الدولة هذه الفجوات، تماماً كما استفاد من نقاط ضعف خصومه في أجزاء أخرى من سورية. وبينما يبقي التنظيم متوارباً عن الأنظار ويستعمل الشمال الغربي فقط كمكان لإخفاء كوادره، فإن أي تعطل في الوضع الراهن من شأنه أن يسمح له بالعودة إلى النشاط.

يمكن اتخاذ عدة خطوات لمنع حدوث هذه الإحتمالية. ينبغي على تركيا أن تستمر بالعمل مع روسيا لتعزيز وقف إطلاق النار. إذ تستفيد أنقرة من وقف إطلاق النار بعدة طرق – ليس أقلها أن هجوماً آخر للنظام من شأنه أن يحدث المزيد من النزوح نحو الحدود التركية – لكن الهدوء النسبي في الشمال الغربي يعد أفضل وسيلة أيضاً لمنع تنظيم الدولة والقاعدة من العودة إلى النشاط. كما ينبغي على هيئة تحرير الشام، من جهتها، الاستمرار في قمع المجموعات التي تنتهك وقف إطلاق النار أو تنتهك حظرها على شن عمليات في الخارج أو ضد القوات التركية في إدلب. و أن تتجنب استعمال هذه المجموعات كأدوات للمساومة مع الغرب.

كما أن ثمة دوراً حيوياً تلعبه الدول الغربية. ينبغي أن تدعم تركيا دبلوماسياً في دورها العسكري الذي يحافظ على وقف إطلاق النار. ويجب أن تقدم المزيد من المساعدات لإدلب، وألا تقتصر فقط على المساعدات الإنسانية التي تحافظ على الحياة، شريطة ألا تتدخل هيئة تحرير الشام في توزيع هذه الإمدادات، كما فعلت في حالة إمدادات الأمم المتحدة التي تدخل إدلب حالياً. لقد أكدت الهزات الأرضية التي وقعت في تركيا في شباط/فبراير 2023 على الحاجة الملحة لقيام الغرب بتعزيز دعمه لشمال غرب سورية، خشية أن ينتهي الأمر بتنكب أنقرة كل عبء إعادة إعمار المنطقة ومساعدة سكانها. كما يمكن للدول الغربية أن تفتح قنوات اتصال غير رسمية مع هيئة تحرير الشام من أجل الحصول على معلومات أفضل بشأن نشاط العناصر المسلحة العابرة للحدود في إدلب والتفاوض بشأن تحسين وصول المساعدات إلى السكان الذين يعانون.

إسطنبول/بروكسل، 7 آذار/مارس 2023

Subscribe to Crisis Group’s Email Updates

Receive the best source of conflict analysis right in your inbox.